للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد يحتمل أن ذلك قد وقع في العالم كثيرًا كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا صفوان، عن عبد الرحمن بن جبير قال: كانت الأخدود في اليمن زمان تبع وفي القسطنطينية زمان قسطنطين حين صرف النصارى قبلتهم عن دين المسيح والتوحيد، فاتخذوا أتونًا وألقي فيه النصارى الذين كانوا على دين المسيح والتوحيد، وفي العراق في أرض بابل بختنصر الذي صنع الصنم وأمر الناس أن يسجدوا له، فامتنع دانيال وصاحباه عزريا وميشائيل، فأوقد لهم أتونًا وألقى فيه الحطب والنار ثم ألقاهما فيه، فجعلها الله تعالى عليهما بردًا وسلامًا وأنقذهما منها وألقى فيها الذين بغوا عليه، وهم تسعة رهط فأكلتهم النار (١).

وقال أسباط، عن السدي في قوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤)﴾ قال: كانت الأخدود ثلاثة: خَدٌّ بالعراق، وخَدٌّ بالشام، وخَدٌّ باليمن (٢). رواه ابن أبي حاتم.

وعن مقاتل قال: كانت الأخدود ثلاثة: واحد بنجران باليمن، والأخرى بالشام، والأخرى بفارس حرقوا بالنار، أما التي بالشام فهو: انطنانوس الرومي، وأما التي بفارس فهو: بختنصر، وأما التي بأرض العرب فهو: يوسف ذو نواس، فأما التي بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى فيهما قرآنًا وأنزل في التي كانت بنجران (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع -هو ابن أنس- في قوله تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤)﴾ قال: سمعنا أنهم كانوا قومًا في زمان الفترة، فلما رأوا ما وقع في الناس من الفتنة والشر وصاروا أحزابًا كل حزب بما لديهم فرحون، اعتزلوا إلى قرية سكنوها وأقاموا على عبادة الله مخلصين له الدين حنفاء، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فكان هذا أمرهم حتى سمع بهم جبار من الجبارين وحدث حديثهم فأرسل إليهم فأمرهم أن يعبدوا الأوثان التي اتخذوا، وأنهم أبوا عليه كلهم وقالوا: لا نعبد إلا الله وحده لا شريك له، فقال لهم: إن لم تعبدوا هذه الآلهة التي عبدت فإني قاتلكم، فأبوا عليه فخدَّ أخدودًا من نار، وقال لهم الجبار ووقفهم عليها: اختاروا هذه أو الذي نحن فيه، فقالوا: هذه أحب إلينا، وفيهم نساء وذرية ففزعت الذرية، فقالوا لهم -أي آباؤهم-: لا نار من بعد اليوم فوقعوا فيها، فقبضت أرواحهم من قبل أن يمسهم حرها وخرجت النار من مكانها فأحاطت بالجبارين فأحرقهم الله بها ففي ذلك أنزل الله ﷿: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩)(٤). ورواه ابن جرير: حُدثت عن عمار، عن عبد الله بن أبي جعفر به نحوه (٥).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ أي: حرقوا. قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن أبزى (٦). ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا﴾ أي: لم يقلعوا عما فعلوا ويندموا على ما أسلفوا


(١) سنده ضعيف لأنه مرسل.
(٢) سنده ضعيف لأنه مرسل.
(٣) سنده ضعيف لأنه معضل.
(٤) سنده ضعيف لأنه مرسل.
(٥) أخرجه الطبري بسند بنحوه، وسنده ضعيف لأنه مرسل وكذلك لإبهام شيخ الطبري.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس، ويتقوى بالأثرين التاليين: فقد أخرجه آدم بن =