للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نظروا إلى عبد يعمل بمعصية الله ذكروه بينهم وسموه وقالوا: هلك الليلة فلان ثم قال البزار: سلام هذا أحسبه سلام المدائني، وهو: لين الحديث (١).

﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)﴾.

يخبر تعالى عما يصير الأبرار إليه من النعيم، وهم الذين أطاعوا الله ﷿ ولم يقابلوه بالمعاصي، وقد روى ابن عساكر في ترجمة موسى بن محمد، عن هشام بن عمار، عن عيسى بن يونس بن أبي إسحاق، عن عبيد الله، عن محارب، عن ابن عمر، عن النبي قال: "إنما سمَّاهم الله الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء" (٢).

ثم ذكر ما يصير إليه الفجار من الجحيم والعذاب المقيم ولهذا قال: ﴿يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥)﴾ أي: يوم الحساب والجزاء والقيامة

﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦)﴾ أي: لا يغيبون عن العذاب ساعة واحدة ولا يخفف عنهم من عذابها ولا يجابون إلى ما يسألون من الموت أو الراحة ولو يومًا واحدًا.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧)﴾ تعظيم لشأن يوم القيامة ثم أكده بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨)﴾ ثم فسره بقوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ أي: لا يقدر أحد على نفع أحد ولا خلاصه مما هو فيه إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى، ونذكر ههنا حديث: "يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار لا أملك لكم من الله شيئًا" وقد تقدم في آخر تفسير سورة الشعراء (٣). ولهذا قال: ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ كقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر: ١٦] وكقوله: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٢٦] وكقوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)[الفاتحة].

[قال] (٤) قتادة: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)﴾ والأمر والله اليوم لله، ولكنه لا ينازعه فيه يومئذٍ أحد (٥).

آخر تفسير سورة الانفطار، ولله الحمد.


(١) أخرجه البزار بسنده ومتنه وتعليقه، وأضاف الحافظ ابن حجر قوله في سلام: بل متروك. فالسند ضعيف جدًا. (المصدر السابق ٢/ ٤٥١ ح ٢١٩٥).
(٢) تاربخ دمشق ١٧/ ل ٤٠٠ وسنده فيه موسى بن محمد وهو مقبول. (التقريب ص ٥٥٣) وهشام بن عمار: صدوق كبر فصار يتلقن. (التقريب ص ٥٧٣).
(٣) تقدم تخريجه في الآية ٢١٤.
(٤) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.