للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والسبل والآكام (١)، فذلك قوله: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠)﴾ وقد تقدم تقرير ذلك هنالك (٢).

وقوله تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (٣٢)﴾ أي: قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها، وهو الحكيم العليم الرؤوف بخلقه الرحيم.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام بن حوشب، عن سليمان بن أبي سليمان، عن أنس بن مالك، عن النبي قال: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال" فقالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم: الحديد. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم النار. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك أشد من النار؟ قال: نعم الماء. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال: نعم الريح. قالت: يا ربِّ فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله (٣).

وقال أبو جعفر ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: لما خلق الله الأرض [قمصت] (٤) وقالت: تخلق عليَّ آدم وذريته، يلقون علي نتنهم ويعملون علي بالخطايا، فأرساها الله بالجبال فمنها ما ترون ومنها ما لا ترون، وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه (٥). غريب.

وقوله تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣)﴾ أي: دحا الأرض فأنبع عيونها، وأظهر مكنونها، وأجرى أنهارها، وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها، وثبَّت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها، كل ذلك متاعًا لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذا الدار إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل.

﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (٤٤) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (٤٥) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)﴾.

يقول تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤)﴾ وهو: يوم القيامة، قاله ابن عباس (٦). سميت بذلك لأنها تطمُّ على كل أمر هائل مفظع كما قال تعالى: ﴿وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦].


(١) سنده حسن.
(٢) تقدم في تفسير سورة السجدة آية ٤.
(٣) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه. (المسند ١٩/ ٢٧٦ ح ١٢٢٥٢).
(٤) كذا في (حم) وتفسير الطبرى، وفي (ح): نقصت، وفي الأصل بياض.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي. وقد استغربه الحافظ ابن كثير.
(٦) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بلفظ: "من أسماء يوم القيامة".