للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

محمد فأخبرني عن الساعة؟ قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" (١)، ولما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جهوري فقال: يا محمد متى الساعة؟ قال: "ويحك إنها كائنة فما أعددت لها؟ " قال: أما إني لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام ولكني أحب الله ورسوله قال: "فأنت مع من أحببت" قال أنس: فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مضاء، حدثنا محمد بن حمير، حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي قال: "يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى، والذي نفسي بيده إنما توعدون لآت" (٣).

وقد قال أبو داود في آخر كتاب الملاحم: حدثنا موسى بن سهل، حدثنا حجاج بن إبراهيم، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله : "لن يُعجز الله هذه الأُمة من نصف يوم" (٤). انفرد به أبو داود ثم قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبو المغيرة، حدثني صفوان، عن شريح بن عبيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي أنه قال: "إني لأرجو أن لا تعجز أُمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم" قيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة عام (٥). انفرد به أبو داود.

وقوله تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ هذا كقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وهكذا قال ههنا إنه يعلم الغيب والشهادة وأنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما أطلعه تعالى عليه، ولهذا قال: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦)

﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ وهذا يعمُّ الرسول الملكي والبشري. ثم قال تعالى: ﴿فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا﴾ أي: يخصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله ويساوقونه على ما معه من وحي الله، ولهذا قال: ﴿لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (٢٨)﴾.

وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله: ﴿لِيَعْلَمَ﴾ إلى من يعود؟

فقيل: إنه عائد على النبي ، وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧)﴾ قال: أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأعراف آية ١٨٧.
(٢) أخرجه الشيخان من حديث أنس (صحيح البخاري، الآداب، باب علامة الحب في الله ح ٦١٧١، وصحيح مسلم، البر والصلة، باب المرء مع من أحب ح ٢٦٣٩).
(٣) أخرجه أبو نعيم من طريق أبي بكر بن أبي مريم به (حلية الأولياء ٦/ ٩١) وسنده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم. (التقريب ص ٦٢٣).
(٤) أخرجه أبو داود بسنده ومتنه (السنن، الملاحم، باب قيام الساعة ح ٤٣٤٩) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٦٥٥).
(٥) المصدر السابق (ح ٤٣٥٠) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٦٥٦).