للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيه أبواكم - أو أبوكم -" (١) وقد روي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا فالله أعلم.

وقد كان يقال له في اللغة القديمة: يوم العروبة، وثبت أن الأُمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله : "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا والنصارى بعد غد" (٢). لفظ البخاري وفي لفظ لمسلم "أضلَّ الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي بينهم قبل الخلائق" (٣).

وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي: اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها، وليس المراد بالسعي ههنا المشي السريع وإنما هو الاهتمام بها كقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾ [الإسراء: ١٩] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود يقرآنها فامضوا إلى ذكر الله (٤) فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه لما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" (٥) لفظ البخاري.

وعن أبي قتادة قال: بينما نحن نصلي مع النبي إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: "ما شأنكم؟ " قالوا: استعجلنا إلى الصلاة قال: "فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" (٦) أخرجاه.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ولكن ائتوها تمشون، وعليكم


(١) أخرجه الإمام أحمد من طريق مغير عن أبي معشر به بنحوه. (المسند ٣٩/ ١٣٣ ح ٢٣٧٢٩) وصححه محققوه، وأخرجه الحاكم من طريق منصور به وصححه ووافقه الذهبي. (المستدرك ١/ ٢٧٧).
(٢) أخرجه البخاري مختصرًا على مطلعه (الصحيح، التعبير، باب النفخ في المنام ح ٧٠٣٦) وأخرجه مسلم كاملًا (الصحيح، الجمعة، باب هداية هذه الأُمة ليوم الجمعة ح ٨٥٥).
(٣) المصدر السابق (ح ٨٥٦).
(٤) أخرجه الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا عن عمر ، وأخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٢/ ١٥٧)، والطبري بسند رجاله ثقات عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعود لكنه منقطع فإن إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود. والقراءة شاذة تفسيرية. وللمزيد ينظر (فتح الباري ٨/ ٦٤٢).
(٥) صحيح البخاري، الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار (ح ٦٣٦) وصحيح مسلم، المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة (ح ٦٠٢).
(٦) صحيح البخاري، الأذان، باب قول الرجل فاتتنا الصلاة (ح ٦٣٥) وصحيح مسلم، الباب السابق (ح ٦٠٣).