للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا من أحسن أمثلة ذلك وعلى طريقة بعض السلف ناسخة، فإن الله ﷿ أمر عباده المؤمنين إذا جاءهم النساء مهاجرات أن يمتحنوهن، فإن علموهن مؤمنات فلا يرجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن، وقد ذكرنا في ترجمة عبد الله بن أبي أحمد بن جحش من المسند الكبير من طريق أبي بكر بن أبي عاصم، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن يعقوب بن محمد، عن عبد العزيز بن عمران، عن مجمع بن يعقوب، عن حنين بن أبي لبانة، عن عبد الله بن أبي أحمد قال: هاجرت أم كلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعيط في الهجرة فخرج أخواها عمارة والوليد حتى قدما على رسول الله ، فكلماه فيها أن يردَّها إليهما فنقض الله العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة، فمنعهم أن يردُّوهن إلى المشركين وأنزل الله آيات الامتحان (١).

قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا يونس بن بكير، عن قيس بن الربيع، عن الأغر بن الصباح، عن خليفة بن حصين، عن أبي نصر الأسدي قال: سئل ابن عباس كيف كان امتحان رسول الله النساء؟ قال: كان يمتحنهن بالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبًا لله ولرسوله، ثم رواه من وجه آخر عن الأغر بن الصباح به (٢)، وكذا رواه البزار من طريقه وذكر فيه أن الذي كان يحلفهن عن أمر رسول الله له عمر بن الخطاب.

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ وكان امتحانهن أن يشهدنَّ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله (٣).

وقال مجاهد: ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ فاسألوهن عما جاء بهن، فإذا كان جاء بهن غضب على أزواجهن أو سخطة أو غيره ولم يؤمن فارجعوهن إلى أزواجهن (٤).

وقال عكرمة: يقال لها: ما جاء بك إلا حب الله ورسوله، وما جاء بك عشق رجل منا ولا فرار من زوجك فذلك قوله: ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ (٥).

وقال قتادة: كانت محنتهن أن يستحلفن بالله ما أخرجكن النشوز وما أخرجكن إلا حب الإسلام وأهله وحرص عليه، فإذا قلن ذلك قبل ذلك منهن (٦).


= وهو مرسل وأخرجه ابن سعد من قول الزهري. (الطبقات الكبرى ٨/ ٢٣١)، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بنحوه، وهذه الروايات يقوي بعضها بعضًا.
(١) ذكره الحافظ ابن كثير في جامع المسانيد ٧/ ٢٤٣، وأخرجه ابن الأثير من طريق أبي بكر بن أبي عاصم به (أسد الغابة ٣/ ٦٧) وسنده ضعيف لضعف عبد العزيز بن عمران. (التقريب ص ٣٥٨).
(٢) أخرجه الطبري بسنديهما ومتنه، وسنده ضعيف لأن أبا نصر الأسدي: مجهول (التقريب ص ٦٧٨). وهو لم يسمع من ابن عباس، فقد أخرجه البزار من الطريق نفسه، وصرح الحافظ ابن حجر بالانقطاع. (مختصر زوائد مسند البزار ٢/ ١١٢ ح ١٥١٧).
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به.
(٤) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.