للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لقد خزيت بغدرتها الحبَور (١) … كذلك الدهر ذو صرف يدور

وذلك أنهم كفروا برب … عظيم أمره أمر كبير

وقد أوتوا معًا فهمًا وعلمًا … وجاءهم من الله النذير

نذير صادق أدّى كتابًا … وآيات مبينة تنير

فقالوا ما أتيت بأمر صدق … وأنت بمنكر منا جدير

فقال بلى لقد أديت حقًا … يصدقني به الفهم الخبير

فمن يتبعه يُهدَ لكل رشد … ومن يكفر به يجز الكفور

فلما أشربوا غدرًا وكفرًا … وجد بهم عن الحق النفور

أرى الله النبي برأي صدق … وكان الله يحكم لا يجور

فأيده وسلطه عليهم … وكان نصيره نعم النصير

فغودر منهم وكعب صريعًا … فذلّت بعد مصرعه النضير

على الكفين ثم وقد علته … بأيدينا مشهرة ذكور (٢)

بأمر محمد إذ دس ليلًا … إلى كعب أخا كعب يسير

فما كره فأنزله بمكرٍ … ومحمود أخو ثقة جسور

فتلك بنو النضير بدار سوء … أبارهم بما اجترموا المبير

غداة أتاهم وفي الزحف … رهوًا رسول الله وهو بهم بصير

وغسان الحماة موازروه … على الأعداء وهو لهم وزير

فقال السلم ويحكمُ فصدوا … [وحالف] (٣) أمرهم كذب وزور

فذاقوا غبّ أمرهم … وبالًا لكل ثلاثة منهم بعير

وأجلوا عامدين لقينقاع … وغودر منهمو نخل ودور (٤)

قال: وكان مما قيل من الأشعار في بني النضير قول ابن القيم العبسي، ويقال: قالها قيس بن بحر بن طريف، قال ابن هشام الأشجعي:

أهلي فداء لامرئ غير هالك … أجلى اليهود بالحسى المزنَّم

يقيلون في جَمر العضاة … وبدلوا أهيضب عودًا بالودي (٥) المكمم

فإن يك ظني صادقًا بمحمد … يروا خيله بين الصلا ويَرمَرم (٦)

يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم … عدوا ما حيّ صديق كمجرم

عليهنَّ أبطال مساعير في الوغر … يهزّون أطراف الوشيج (٧) المقوم

وكل رقيق الشفرتين مهندٍ … تورثن من أزمان عاد وجرهم

فمن مبلغ عني قريشًا رسالة … فهل بعدهم في المجد من متكرم


(١) أي: علماء اليهود.
(٢) أي: سيوف مسلولة من أغمادها.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحف إلى: "وحالة".
(٤) ينظر السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ١٩٩.
(٥) أي: صغار النخل.
(٦) الصلا ويرمرم: موضعان.
(٧) أي: الرماح.