للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الترمذي: حسن غريب صحيح، ورواه أبو داود والنسائي من حديث عكرمة مرسلًا، قال النسائي: وهو أولى بالصواب.

وقوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ أي: فإعتاق رقبة كاملة من قبل أن يتماسا، فههنا الرقبة مطلقة غير مقيدة بالإيمان وفي كفارة القتل مقيدة بالإيمان، فحمل الشافعي ما أطلق ههنا على ما قيد هناك لاتحاد الموجب وهو عتق الرقبة، واعتضد في ذلك بما رواه عن مالك بسنده عن معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية السوداء، وأن رسول الله قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" وقد رواه أحمد في مسنده في صحيحه (١).

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا عبد الله بن نمير، عن إسماعيل بن يسار، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس: قال: أتى رسول الله رجل فقال إني ظاهرت من امرأتي ثم وقعت عليها قبل أن أكفر، فقال رسول الله : "ألم يقل الله تعالى: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ " قال: أعجبتني، قال: "أمسك حتى تكفر" (٢). ثم قال البزار: لا يروى عن ابن عباس بأحسن من هذا، وإسماعيل بن مسلم تكلم فيه وروى عنه جماعة كثيرة من أهل العلم، وفيه من الفقه أنه لم يأمره إلا بكفارة واحدة.

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ﴾ أي: تزجرون به ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أي: خبير بما يصلحكم عليم بأحوالكم.

وقوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ قد تقدمت الأحاديث الآمرة بهذا على الترتيب كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان (٣).

﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أي: شرعنا هذا لهذا. وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ أي: محارمه فلا تنتهكوها.

وقوله تعالى: ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي: الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء كلا ليس الأمر كما زعموا بل لهم عذاب أليم؛ أي: في الدنيا والآخرة.


= (ح ١١٩٩) وسنن النسائي، الطلاق، باب الظهار ٦/ ١٦٧، وسنن ابن ماجه، الطلاق، باب المجامع يظاهر قبل أن يكفِّر (ح ٢٠٦٥)، وحسنه الحافظ ابن حجر (فتح الباري ٩/ ٤٣٣) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ١٩٤٣).
(١) الموطأ، العتق والولاء، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة (٢/ ٥٩٥ ح ٨) والمسند ٥/ ٤٤٧، وصحيح مسلم، المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته (ح ٥٣٧).
(٢) أخرجه الحاكم من طريق إسماعيل بن مسلم به، وقال الحاكم: لم يحتج الشيخان بإسماعيل. وقال الذهبي: إسماعيل: واهٍ. (المستدرك ٢/ ٢٠٤).
(٣) أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة (صحيح البخاري، الصوم، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء وتصدق عليه فليكفِّر ح ١٩٣٦) وصحيح مسلم، الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم (ح ١١١١).