للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فذاك أبونا إبراهيم كلنا نؤمه ونقتدي به، وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها فهي الساعة علينا تقوم لا نبي بعدي ولا أمة بعد أمتي" قال: فما سأل رسول الله -عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيئ الرجل فيحدثه بها متبرعًا" (١).

وقوله تعالى: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥)﴾ قال ابن عباس: أي مرمولة بالذهب (٢)؛ يعني: منسوجة به، وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وقتادة والضحاك وغيره (٣).

وقال السدي: مرمولة بالذهب واللؤلؤ.

وقال عكرمة: مشبكة بالدر والياقوت (٤).

وقال ابن جرير: ومنه يسمى وضين الناقة الذي تحت بطنها (٥)، وهو فعيل بمعنى مفعول لأنه مضفور، وكذلك السرر في الجنة مضفورة بالذهب واللآلئ.

وقوله تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)﴾ أي: وجوه بعضهم إلى بعض ليس أحد وراء أحد ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧)﴾ أي: مخلدون على صفة واحدة لا يتكبرون عنها ولا يشيبون ولا يتغيرون ﴿بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)﴾ أما الأكواب فهي: الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان، والأباريق التي جمعت الوصفين والكؤوس الهنابات، والجميع من خمر من عين جارية معين، ليس من أوعية تنقطع وتفرغ بل من عيون سارحة.

وقوله تعالى: ﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩)﴾ أي: لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة.

وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال: في الخمر أربع خصال: السكر، والصداع، والقيء، والبول (٦)، فذكر الله تعالى خمر الجنة ونزهها عن هذه الخصال. وقال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطية وقتادة والسدي ﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ يقول ليس لهم فيها صداع رأس (٧)، وقالوا في قوله: ﴿وَلَا يُنْزِفُونَ﴾ أي: لا تذهب بعقولهم (٨).

وقوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١)﴾ أي: ويطوفون عليهم بما يتخيرون من الثمار، وهذه الآية دليل على جواز أكل الفاكهة على صفة التخير لها، ويدل على ذلك حديث عكراش بن ذؤيب الذي رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده، حدثنا


(١) أخرجه البيهقي (الدلائل ٧/ ٣٦، ٣٧) وسنده ضعيف جدًا لأن سليمان بن عطاء القرشي يروي عن مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي أحاديث موضوعة وقد ذكر ابن حبان هذا الحديث مثالًا لها. (ينظر المجروحين ١/ ٣٢٥).
(٢) أخرجه هناد (الزهد رقم ٧٧) والطبري بسند صحيح من طريق مجاهد عن ابن عباس.
(٣) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٤) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف.
(٥) ذكره الطبري بنحوه.
(٦) سنده ضعيف لأن الضحاك لم يلق ابن عباس.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح من طريق حصين عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٨) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.