للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: ﴿هَبَاءً مُنْبَثًّا﴾ كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح (١). وهذه الآية كأخواتها الدالة على زوال الجبال عن أماكنها يوم القيامة وذهابها وتسييرها ونسفها وصيرورتها كالعهن المنفوش.

وقوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)﴾ أي: ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين خرجوا من شقِّ آدم الأيمن، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ويؤخذ بهم ذات اليمين.

وقال السدي: وهم جمهور أهل الجنة، وآخرون عن يسار العرش وهم الذين خرجوا من شقِّ آدم الأيسر ويؤتون كتبهم بشمالهم ويؤخذ بهم ذات الشمال وهم عامة أهل النار - عياذًا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه، وهم أخصُّ وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء، وهم أقلُّ عددًا من أصحاب اليمين، ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠)﴾ وهكذا قسمهم إلى هذه الأنواع الثلاثة في آخر السورة وقت احتضارهم، وهكذا ذكرهم في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ الآية [فاطر: ٣٢]. وذلك على أحد القولين في الظالم لنفسه كما تقدم بيانه.

قال سفيان الثوري، عن جابر الجعفي، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)﴾ قال: هي التي في سورة الملائكة ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ (٢).

وقال ابن جريج، عن ابن عباس: هذه الأزواج الثلاثة هم المذكورون في آخر السورة وفي سورة الملائكة (٣).

وقال يزيد الرقاشي: سألت ابن عباس عن قوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)﴾ قال: أصنافًا ثلاثة (٤).

وقال مجاهد: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)﴾ يعني: فرقًا ثلاثة.

وقال ميمون بن مهران: أفواجًا ثلاثة.

وقال عبيد الله العتكي، عن عثمان بن سراقة ابن خالة عمر بن الخطاب ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)﴾ اثنان في الجنة وواحد في النار (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا الوليد بن أبي ثور، عن سماك، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله : ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧)[التكوير] قال:


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) سنده ضعيف لضعف جابر الجعفي ويتقوى بما يليه.
(٣) سنده ضعيف لأن ابن جريج لم يلق ابن عباس ويتقوى بما يليه.
(٤) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف.