للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن مجاهد ﴿أَغْنَى﴾ ﴿وَأَقْنَى﴾ أخدم (١)، وكذا قال قتادة (٢).

وقال ابن عباس ومجاهد أيضًا: ﴿أَغْنَى﴾ أعطى ﴿وَأَقْنَى﴾ رضى (٣). وقيل: معناه أغنى نفسه وأفقر الخلائق إليه، قاله الحضرمي بن لاحق (٤)، وقيل: أغنى من شاء من خلقه، وأقنى؛ أي: أفقر من شاء منهم.

قال ابن زيد: حكاهما ابن جرير وهما بعيدان من حيث اللفظ.

وقوله: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (٤٩)﴾ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم: هو هذا النجم الوقّاد الذي يقال له: مِرزَم الجوزاء، كانت طائفة من العرب يعبدونه (٥).

﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠)﴾ وهم قوم هود ويقال لهم: عاد بن إرم بن سام بن نوح كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨)[الفجر] فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسوله فأهلكهم الله ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾ [الحاقة] أي: متتابعة.

وقوله تعالى: ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١)﴾ أي: دمرهم فلم يبق منهم أحدًا ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ﴾ أي: من قبل هؤلاء ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾ أي: أشد تمردًا من الذين من بعدهم ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣)﴾ يعني: مدائن لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، ولهذا قال: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)﴾ يعني: من الحجارة التي أرسلها عليهم ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣)[الشعراء].

قال قتادة: كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان، فانضرم عليهم الوادي شيئًا فشيئًا من نار ونفط وقطران كفم الأتون. ورواه ابن أبي حاتم، عن أبيه، عن محمد بن وهب بن عطية، عن الوليد بن مسلم، عن خليد عنه به (٦)، وهو غريب جدًا.

﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)﴾ أي: ففي أي نعم الله عليك أيها الإنسان تمتري؟ قاله قتادة (٧).


(١) أخرجه الطبري من طريق ليث عن مجاهد، وليث هو ابن أبي سُليم فيه مقال ويتقوى بما أخرجه الطبري بأسانيد صحاح عن الحسن البصري وقتادة.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٣) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه أبو الشيخ (العظمة ١٧٦)، والطبري بسند حسن من طريق المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس بلفظ: "هو الكوكب الذي يُدعى الشعرى"، ويتقوى بالآثار التي أخرجها الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ: "مِرزم الجوزاء" وبسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عن ابن زيد.
(٦) سنده ضعيف لضعف خليد وهو ابن دعلج السدوسي البصري، وقد حدث عن قتادة أحاديث منكرة. (تهذيب التهذيب ٣/ ١٥٨).
(٧) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.