للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن عبده ورسوله محمد أنه علمه الذي جاء به إلى الناس ﴿شَدِيدُ الْقُوَى﴾ وهو جبريل ، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)[التكوير]

وقال ههنا ﴿ذُو مِرَّةٍ﴾ أي: ذو قوة، قاله مجاهد والحسن وابن زيد (١).

وقال ابن عباس: ذو منظر حسن (٢).

وقال قتادة: ذو خلق طويل حسن (٣). ولا منافاة بين القولين فإنه ذو منظر حسن وقوة شديدة.

وقد ورد في الحديث الصحيح من رواية ابن عمر وأبي هريرة أن النبي قال: "لا تحلّ الصدقة لغني ولا لذي مِرَّة سَويّ" (٤).

وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَوَى﴾ يعني: جبريل قاله الحسن ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس (٥).

﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧)﴾ يعني: جبريل استوى في الأفق الأعلى، قاله عكرمة وغير واحد. قال عكرمة: والأفق الأعلى الذي يأتي منه الصبح.

وقال مجاهد: هو مطلع الشمس.

وقال قتادة: هو الذي يأتي منه النهار (٦)، وكذا قال ابن زيد وغيرهم.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا مصرف بن عمرو اليامي أبو القاسم، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن طلحة بن مصرف، حدثني أبي، عن الوليد هو: ابن قيس، عن إسحاق بن أبي الكهتلة، أظنه ذكره عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله لم يرَ جبريل في صورته إلا مرتين: أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فسد الأفق. وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد فذلك قوله: ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧)(٧). وقد قال ابن جرير ههنا قولًا لم أره لغيره،


(١) أخرجه البخاري تعليقًا وقال الحافظ ابن حجر: وصله الفريابي. (فتح الباري ٨/ ٦٠٤) ووصله آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عن ابن زيد.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة التوبة آية ٦٠.
(٥) أخرجه آدم والطبري بالسند الصحيح المتقدم عن مجاهد، وأخرجه أبو الشيخ بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس (العظمة رقم ٣٦٨).
(٦) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٧) سنده ضعيف لأن مصرف بن عمرو الأيامي: مجهول. (التقريب ص ٥٣٣).