للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩)﴾ قال ابن عباس وقتادة: تتحرك تحريكًا (١).

وعن ابن عباس: هو تشققها (٢). وقال مجاهد: تدور دورًا (٣).

وقال الضحاك: استدارتها وتحركها لأمر الله (٤). وموج بعضها في بعض. وهذا اختيار ابن جرير أنه التحرك في استدارة. قال: وأنشد أبو عبيدة معمر بن المثنى بيت الأعشى فقال:

كأن مشيتها من بيت جارتها … مور السحابة لا ريث ولا عجل (٥)

﴿وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا (١٠)﴾ أي: تذهب فتصير هباء منبثًا وتنسف نسفًا

﴿فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١)﴾ أي: ويل لهم ذلك اليوم من عذاب الله ونكاله بهم وعقابه لهم

﴿الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢)﴾ أي: هم في الدنيا يخوضون في الباطل ويتخذون دينهم هزوًا ولعبًا

﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ﴾ أي: يدفعون ويساقون ﴿إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣)﴾ وقال مجاهد والشعبي ومحمد بن كعب والضحاك والسدي والثوري: يدفعون فيها دفعًا.

﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤)﴾ أي: تقول لهم الزبانية ذلك تقريعًا وتوبيخًا

﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا﴾ أي: ادخلوها دخول من تغمره من جميع جهاته ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ﴾ أي: سواء صبرتم على عذابها ونكالها أم لم تصبروا لا محيد لكم عنها ولا خلاص لكم منها ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أي: ولا يظلم الله أحدًا، بل يجازي كلًا بعمله.

﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠)﴾.

يُخبر الله تعالى عن حال السعداء فقال: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧)﴾ وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال

﴿فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ أي: يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم من أصناف الملاذ من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك ﴿وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ أي: وقد نجاهم من عذاب النار، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة التي فيها من السرور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩)﴾ كقوله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (٢٤)[الحاقة] أي: هذا بذاك تفضلًا منه وإحسانًا.

وقوله تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ﴾ قال الثوري: عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس السرر في الحجال (٦).


(١) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه البُستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٥) مجاز القرآن ٢/ ٢٣١ واستشهد به الطبري ثم قال: فالمور على روايته التكفؤ والتهيؤ في المشية.
(٦) سنده حسن.