للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحمرارها: بكاؤها (١)، وهكذا قال السدي الكبير (٢)، وقال عطاء الخراساني: بكاؤها أن تحمر أطرافها (٣). وذكروا أيضًا في مقتل الحسين أنه ما قلب حجر يومئذٍ إلا وجد تحته دم عبيط، وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة، وفي كل من ذلك نظر، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر ولا شك أنه عظيم، ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين ولم يقع شيء مما ذكروه، فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب وهو أفضل منه بالإجماع، ولم يقع شيء من ذلك، وعثمان بن عفان قتل محصورًا مظلومًا ولم يكن شيء من ذلك. وعمر بن الخطاب قتل في المحراب في صلاة الصبح، وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك. وهذا رسول الله ، وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة، يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه. ويوم مات إبراهيم ابن النبي خسفت الشمس فقال الناس: خسفت لموت إبراهيم! فصلى بهم رسول الله صلاة الكسوف وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته (٤).

وقوله : ﴿وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (٣٠) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ (٣١)﴾ يمتن عليهم تعالى بذلك حيث أنقذهم مما كانوا فيه من إهانة فرعون وإذلاله لهم، وتسخيره إياهم في الأعمال المهينة الشاقة.

وقوله: ﴿مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا﴾ أي: مستكبرًا جبارًا عنيدًا كقوله: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٤] وقوله: ﴿فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٦] من المسرفين؛ أي: مسرفًا في أمره سخيف الرأي على نفسه.

وقوله: ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢)﴾ قال مجاهد: ﴿اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ على من هم بين ظهريه (٥).

وقال قتادة: اختيروا على أهل زمانهم ذلك، وكان يقال: إن لكل زمان عالمًا (٦)، وهذا كقوله تعالى: ﴿قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤] أي: أهل زمانه ذلك كقوله لمريم : ﴿وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: ٤٢] أي: في زمنها فإن خديجة إما أفضل منها أو مساوية لها في الفضل، وكذا آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.

وقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مِنَ الْآيَاتِ﴾ أي: الحجج والبراهين وخوارق العادات ﴿مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ﴾ أي: اختبار ظاهر جلي لمن اهتدى به.


(١) سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد (التقريب ص ٦٠١).
(٢) أخرجه الطبري روايته لهذا المتن غير مقبولة لأن السدي يتشيع.
(٣) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء، وسنده ضعيف لإرسال عطاء.
(٤) أخرجه الشيخان من حديث المغيرة بن شعبة . (صحيح البخاري، الكسوف، باب الصلاة في كسوف الشمس ح ١٠٤٣) وصحيح مسلم، الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف (ح ٩١٥).
(٥) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.