للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن سويد، عن ابن المبارك، عن فليح به وقال حسن صحيح (١).

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر وأبو كامل قالا: حدثنا زهير، حدثنا سعد الطائي، حدثنا أبو المدله مولى أم المؤمنين أنه سمع أبا هريرة يقول: قلنا يا رسول الله إنا إذا رأيناك رقَّت قلوبنا، وكنا من أهل الآخرة فإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد قال : "لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم" قلنا: يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ قال : "لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، ثلاثة لا تردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماوات ويقول الربُّ : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين" (٢) وروى الترمذي وابن ماجه بعضه من حديث سعد بن أبي مجاهد الطائي وكان ثقة عن أبي المدله وكان ثقة به (٣).

وقوله تعالى: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أي: تسلك الأنهار من خلال ذلك كما يشاؤون وأين أرادوا ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ أي: هذا الذي ذكرنا وعده الله عباده المؤمنين ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٢١) أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٢)﴾.

يخبر تعالى أن أصل الماء من السماء كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] فإذا أنزل الماء من السماء كمن في الأرض ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء وينبعه عيونًا ما بين صغار وكبار بحسب الحاجة إليها، ولهذا قال: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن [اليقظان] (٤)، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ قال: ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ولكن عروق في الأرض تغيره فذلك قوله تعالى: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ فمن سرَّه أن يعود الملح عذبًا فليصعده (٥)، وكذا قال سعيد بن جبير وعامر الشعبي أن كل ماء في الأرض فأصله من السماء (٦).


(١) السنن، صفة الجنة، باب ما جاء في ترائي أهل الجنة في الغرف (ح ٢٢٥٦).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ١٣/ ٤١٠ ح ٨٠٤٣) وقال محققوه: حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٣) سنن الترمذي، الدعوات، باب في العفو والعافية (ح ٣٥٩٨)، وسنن ابن ماجه، الصيام، باب في الصائم لا ترد دعوته (ح ١٧٥٢).
(٤) كذا في (حم) و (مح) وترجمته، وفي الأصل صحف إلى: "يعصان".
(٥) سنده ضعيف لضعف عتبة بن يقظان.
(٦) أخرجه أبو الشيخ (العظمة رقم ٧٣٨)، والطبري كلاهما من طريق جابر عن الشعبي بنحوه، وجابر هو الجعفي وهو ضعيف.