للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ضرب مثل الكفار الجهال الجهل البسيط، وهم الذين قال (اللّه) (١) (تعالى) (٢) فيهم: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)[النور].

فقسم الكفار ها هنا إلى قسمين: داعيةٍ ومقلد، كما ذكرهما في أول سورة الحج: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (٣)[الحج]. وقال (بعده) (٣): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (٨)[الحج].

وقد قسَّم اللّه المؤمنين في أول الواقعة وفي آخرها. وفي سورة الإنسان إلى قسمين: سابقون وهم المقربون، وأصحاب يمين وهم الأبرار.

فتلخص من مجموع هذه الآيات الكريمات أن المؤمنين صنفان: مقربون وأبرار، وأن الكافرين صنفان: دعاة ومقلدون، وأن المنافقين أيضًا صنفان: منافق خالص، ومنافق فيه شعبة من نفاق، كما جاء في "الصحيحين" (٤)، عن عبد اللّه بن عمرو، عن النبي : "ثلاث من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".

استدلوا به على أن الإنسان قد تكون فيه شعبة من إيمان وشعبة من نفاق؛ إما عملي لهذا الحديث، أو اعتقادي كما دلت عليه الآية، كما ذهب إليه طائفة من السلف وبعض العلماء، كما تقدم وكما سيأتي إن شاء اللّه (تعالى) (٥).

قال الإمام (٦) أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية - يعني: شيبان - عن ليث، عن


(١) من (ج) و (ل) و (هـ).
(٢) من (ن) ووقع في (ز) و (ع) و (ك) و (ي): "قال فيهم".
(٣) من (ز) وحدها ووقع ترتيب الآيتين هكذا في (ك) وأما في (ج) و (ع) و (ل) و (ن) و (هـ) و (ي) فقد ذكرت الآية الثانية قبل الأولى.
(٤) كذا عزاه المصنف لـ"الصحيحين" من حديث ابن عمرو بلفظ: "ثلاث" وهو وهم، ولم أر لفظ "ثلاث" في حديث ابن عمرو إلا موقوفًا. أخرجه الفريابي في "صفة المنافق" (١٦، ١٧)؛ وابن جرير في "تفسيره" (١٠/ ١٩٢) بسندين فيهما مقال.
أما لفظ حديث ابن عمرو في "الصحيحين" وفي غيرهما: "أربع من كن فيه" أو "أربع خلال من كن فيه" أو "أربعة من كن فيه" وزاد على ما ذكره المصنف: "وإذا خاصم فجر".
أخرجه البخاري في "الإيمان" (١/ ٨٩)؛ وفي "المظالم" (٥/ ١٠٧)؛ وفي "الجزية" (٦/ ٢٧٩)؛ ومسلم في "الإيمان" (٥٨/ ١٠٦)؛ وأبو عوانة (١/ ٢٠)؛ وأبو داود (٤٦٨٨)؛ والنسائي (٨/ ١١٦)؛ والترمذي (٢٦٣٢)؛ وأحمد (٢/ ١٨٩، ١٩٨) وآخرون من طرق عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا فذكره. وقد خرَّجته في "الصمت" (٤٧١)؛ لابن أبي الدنيا وعزاه الزبيدي في "الإتحاف" (٢/ ٢٦٩) لابن ماجه وهو وهم.
(٥) من (ج) و (ك) و (ل) و (هـ).
(٦) في "مسنده" (٣/ ١٧)؛ وأخرجه الطبراني في "الصغير" (٢/ ١٠٩، ١١٠) وعنه أبو نعيم في "الحلية" (٤/ ٣٨٥) من طريق أحمد بن خالد الوهبي قال: ثنا شيبان بن عبد الرحمن بسنده سواء.
قال الطبراني: "لم يروه عن شيبان إلا أحمد بن خالد الوهبي، ولا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد". =