للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن البصري: هو الذي لا نوى له (١).

وقال أبو صخر: ما رأيت الطلع حين ينشق عنه الكم؟ فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض، فهو الهضيم (٢).

وقوله: ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩)﴾ قال ابن عباس وغير واحد: يعني: حاذقين (٣).

وفي رواية عنه: شرهين أشرين (٤)، وهو اختيار مجاهد وجماعة (٥)، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا وعبثًا من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحتها ونقشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم، ولهذا قال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠)﴾، أي: أقبلوا على ما يعود نفعه عليكم في الدنيا والآخرة من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم لتعبدوه وتوحدوه وتسبحوه بكرة وأصيلًا

﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (١٥٢)﴾ يعني: رؤساءهم وكبراءهم، الدعاة لهم إلى الشرك والكفر ومخالفة الحق.

﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن ثمود في جوابهم لنبيهم صالح حين دعاهم إلى عبادة ربهم ﷿ أنهم ﴿قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣)﴾.

قال مجاهد وقتادة: يعنون من المسحورين (٦).

وروى أبو صالح عن ابن عباس ﴿مِنَ الْمُسَحَّرِينَ﴾ يعني: من المخلوقين (٧)، واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر:

فإن تسألينا: فيم نحن؟ فإننا … عصافير من هذا الأنام المسحَّر (٨)

يعني الذين لهم سحور، والسحر هو الرئة. والأظهر في هذا القول مجاهد وقتادة أنهم


(١) أخرجه البستي وابن أبي حاتم من طريق عبد الرزاق عن عطاء واسماعيل عن الحسن البصري، وسنده حسن، وعطاء هو ابن السائب، وإسماعيل هو ابن أبي خالد.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق مفضل عن أبي صخر.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس ويتقوى بتاليه.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) قول مجاهد أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٧) أخرجه الطبري والخطيب البغدادي (تاريخ بغداد ١٠/ ٤٢٣) كلاهما بسند ضعيف من طريق أبي صالح عن ابن عباس، وأبو صالح هو باذام أو باذان مولى أُم هانئ وهو ضعيف، ومعناه صحيح.
(٨) استشهد به الطبري ونسبه إلى لبيد .