للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١)

﴿ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)﴾ قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي قال: "حاجَّ موسى آدم، فقال له: أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال آدم: يا موسى، أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر كتبه الله علي قبل أن يخلقني، أو قدَّره الله عليَّ قبل أن يخلقني؟ "، قال رسول الله : "فحجَّ آدم موسى" (١)، وهذا الحديث له طرق في الصحيحين (٢)، وغيرهما من المسانيد.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أنس بن عياض، عن الحارث بن أبي ذياب، عن يزيد بن هرمز قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله : "احتجَّ آدم وموسى عند ربهما، فحجَّ آدمُ موسى، قال موسى: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأَسجَدَ لك ملائكته، وأسكنك في جنته، ثم أهبطت الناس إلى الأرض بخطيئتك، قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجيًا، فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عامًا، قال آدم: فهل وجدت فيها ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت عملًا كتب الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ " قال رسول الله : "فحجَّ آدم موسى"، قال الحارث: وحدثني عبد الرحمن بن هرمز بذلك عن أبي هريرة، عن النبي (٣).

﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)﴾.

يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس: اهبطوا منها جميعًا؛ أي من الجنة كلكم، وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة (٤).

﴿بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ قال: آدم وذريته، وإبليس وذريته. وقوله: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى﴾ قال أبو العالية: الأنبياء والرسل والبيان (٥) ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ قال ابن عباس: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة (٦).


(١) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ [طه: ١١٧] ح ٤٧٣٨).
(٢) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب وفاة موسى (ح ٧٥١٥)، وصحيح مسلم، القدر، باب حجاج آدم وموسى (ح ٢٦٥٢/ ١٣).
(٣) سنده صحيح، وأخرجه مسلم عن إسحاق بن موسى بن عبد الله عن أنس بن عياض به (الصحيح، القدر، باب حجاج آدم وموسى ح ٢٦٥٢/ ١٥).
(٤) آية: ٣٦.
(٥) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية في تفسير سورة البقرة آية ٣٨ (١/ ٥٨٩).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ١٣/ ٣٧١)، والطبري بسند حسن كلاهما من طريق عمرو بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس.