للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتهوي وتدلي أطرافها، فاجعل ذلك في الدنيا وأسقطها كسفًا، [أي قطعًا كقوله: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ الآية [الأنفال: ٣٢]، وكذلك سأل قوم شعيب منه فقالوا: ﴿فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا] (١) كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٨٧] فعاقبهم الله بعذاب يوم الظلة، إنه كان عذاب يوم عظيم، وأما نبي الرحمة ونبي التوبة المبعوث رحمة للعالمين فسأل إنظارهم وتأجيلهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا، وكذلك وقع فإن من هؤلاء الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه حتى عبد الله بن أبي أُمية الذي تبع النبي وقال له ما قال، أسلم إسلامًا تامًا وأناب إلى الله ﷿.

﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: هو الذهب (٢)، وكذلك هو في قراءة ابن مسعود: أو يكون لك بيت من ذهب (٣) ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ﴾ أي: تصعد في سلم ونحن ننظر إليك ﴿وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾.

قال مجاهد: أي مكتوب فيه إلى كل واحد واحد صحيفة هذا كتاب من الله لفلان تصبح موضوعة عند رأسه (٤).

وقوله تعالى: ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ أي: وتقدس أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سلطانه وملكوته، بل هو الفعال لما يشاء إن شاء أجابكم إلى ما سألتم، وإن شاء لم يجبكم، وما أنا إلا رسول إليكم أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وقد فعلت ذلك، وأمركم فيما سألتم إلى الله ﷿.

قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا علي بن إسحاق، حدثنا ابن المبارك، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زَحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة، عن النبي قال: "عرض علي ربي ﷿ ليجعل لي بطحاء مكة ذهبًا، فقلت: لا يا رب ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا - أو نحو ذلك - فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك" (٥). ورواه الترمذي في الزهد عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك به، وقال: هذا حديث حسن، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث (٦).

﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (٩٤) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (٩٥)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ﴾ أي: أكثرهم ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا﴾ ويتابعوا الرسول إلا استعجابهم من بعثة البشر رسلًا، كما قال تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ


(١) زيادة من (ح) و (حم).
(٢) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عنه ويتقوى بالأثرين التاليين، إذ أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد، أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري من طريق مجاهد عن ابن مسعود، ومجاهد لم يسمع من ابن مسعود والقراءة شاذة تفسيرية.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن جريج عن مجاهد، وهو لم يسمع من مجاهد.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: إسناده ضعيف جدًا. لضعف عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد.
(٦) سنن الترمذي، الزهد، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه (ح ٢٣٤٧).