للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(طريق أخرى): قال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا محمد بن جعفر وروح، المعنى قالا: حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "لما كان ليلة أسري بي، فأصبحت بمكة فظعت وعرفت أن الناس مكذبي" فقعد معتزلًا حزينًا، فمرَّ به عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال له رسول الله : "نعم" قال: وما هو؟ قال: "إني أُسري بي الليلة"، قال: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس" قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: "نعم"، قال: فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه، فقال: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتني؟ فقال رسول الله : "نعم" فقال: يا معشر بني كعب بن لؤي، قال: فانفضت إليه المجالس وجاؤوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله : "إني أسري بي الليلة" فقالوا: إلى أين؟ قال: "إلى بيت المقدس". قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: "نعم". قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبًا للكذب، قالوا: وتستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفيهم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد، فقال رسول الله : "فما زلت أنعت حتى التبس عليّ بعض النعت قال فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو عقال فنعته وأنا أنظر إليه قال: وكان مع هذا نعت لم أحفظه -يقول عوف- قال: فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب فيه" (١).

وأخرجه النسائي من حديث عوف بن أبي جميلة وهو الأعرابي به، ورواه البيهقي من حديث النضر بن شميل وهوذة عن عوف وهو ابن أبي جميلة الأعرابي أحد الأئمة الثقات (٢).

رواية عبد الله بن مسعود :

قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا يوسف بن بهلول، حدثنا عبد الله بن نمير، عن مالك بن مغول، عن الزبير بن عدي، عن طلحة بن مصرف، عن مرة الهمداني، عن عبد الله بن مسعود قال: لما أسري برسول الله فانتهى إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة، وإليها ينتهي ما يصعد به حتى يقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها حتى يقبض ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)[النجم] قال: غشيها فراش من ذهب، وأعطي رسول الله الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك بالله شيئًا المقحمات يعني: الكبائر (٣).

ورواه مسلم في صحيحه عن محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب، كلاهما عن عبد الله بن نمير به (٤).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه، وصحيح سنده محققوه (المسند ٥/ ٢٨، ٢٩ ح ٢٨١٩).
ونسبه الهيثمي إلى أحمد وغيره ثم قال: ورجال أحمد رجال الصحيح (مجمع الزوائد ١/ ٦٥).
(٢) السنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب سورة الإسراء (ح ١١٢٨٥ ودلائل النبوة للبيهقي ٢/ ٣٦٣). وحسنه الحافظ ابن حجر ونسبه إلى البزار (فتح الباري ٧/ ١٩٩)، وصححه السيوطي (الخصائص الكبرى ١/ ١٦٠).
(٣) أخرجه البيهقي (دلائل النبوة ٢/ ٣٧٢).
(٤) صحيح مسلم، الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى (ح ١٧٣).