للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال أحمد: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله إلا حديثًا واحدًا قال: كنا عند رسول الله فأتي بجُمَّار، فقال: "من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم" فأردت أن أقول: هي النخلة، فنظرت فإذا أنا أصغر القوم، فقال رسول الله : "هي النخلة" (١). أخرجاه (٢).

وقال مالك وعبد العزيز، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله يومًا لأصحابه: "إن من الشجر شجرة لا يطرح ورقها مثل المؤمن". قال: فوقع في شجر الوادي، ووقع في قلبي أنها النخلة، فاستحييت حتى قال رسول الله : "هي النخلة"، أخرجاه أيضًا (٣).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان - يعني: ابن زيد العطار -، حدثنا قتادة أن رجلًا قال: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، فقال: "أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركب بعضه على بعض أكان يبلغ السماء، أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ " قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: "تقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، عشر مرات في دبر كل صلاة، فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء" (٤).

وعن ابن عباس: ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ قال: هي شجرة في الجنة (٥).

وقوله: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ قيل: غدوة وعشيًا (٦)، وقيل: كل شهر. وقيل: كل شهرين. وقيل: كل ستة أشهر. وقيل: كل سبعة أشهر. وقيل: كل سنة، والظاهر من السياق أن المؤمن مثله كمثل شجرة لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار، كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار في كل وقت وحين ﴿بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ أي: كاملًا حسنًا كثيرًا طيبًا مباركًا ﴿وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ هذا مثل كفر الكافر لا أصل له ولا ثبات، مشبه بشجرة الحنظل، ويقال لها: الشريان، رواه شعبة عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك: أنها شجرة الحنظل (٧).

وقال أبو بكر البزار الحافظ: حدثنا يحيى بن محمد السكن، حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع، حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أنس أحسبه رفعه، قال: (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة)


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢/ ١٢) وسنده صحيح.
(٢) أخرجاه من طريق سفيان به (صحيح البخاري، العلم، باب الفهم في العلم ح ٧٢، وصحيح مسلم، صفات المنافقين، باب مثل المؤمن مثل النخلة (ح ٢٨١١) الحديث الرابع).
(٣) صحيح البخاري، العلم، باب الحياء في العلم (ح ١٣١)، وصحيح مسلم، صفات المنافقين، باب مثل المؤمن مثل النخلة (ح ٢٨١١).
(٤) سنده مرسل ولبعضه شواهد في الصحيحين (صحيح البخاري ح ٨٤٣، وصحيح مسلم ح ٥٩٥).
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس.
(٧) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق محمد بن جعفر عن شعبة به.