للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسترتموها وجحدتموها ﴿إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾، وذلك يسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء في الحديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" (١).

وفي المسند: أن رسول الله ، مرَّ به سائل فأعطاه تمرة، فسخطها ولم يقبلها، ثم مرَّ به آخر فأعطاه إياها، فقبلها وقال: تمرة من رسول الله ، فأمر له بأربعين درهمًا، أو كما قال.

قال الإمام أحمد: حدثنا أسود، حدثنا عمارة الصيدلاني، عن ثابت، عن أنس، قال: أتى النبي سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها أو وحش بها - قال -: وأتاه آخر فأمر له بتمرة، فقال: سبحان الله تمرة من رسول الله ، فقال للجارية: "اذهبي إلى أُم سلمة فأعطيه الأربعين درهمًا التي عندها" (٢). تفرد به الإمام أحمد، وعمارة بن زاذان وثقه ابن حبان وأحمد ويعقوب بن سفيان. وقال ابن معين: صالح. وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين. وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، وعن أحمد أيضًا أنه قال: روى أحاديث منكرة. وقال أبو داود: ليس بذاك وضعفه الدارقطني. وقال ابن عدي: لا بأس به ممن يكتب حديثه.

وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)﴾ أي: هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره، كما قال: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧]. وقال تعالى: ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [التغابن: ٦].

وفي صحيح مسلم: عن أبي ذرٍّ، عن رسول الله فيما يرويه عن ربه ﷿ أنه قال: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر" (٣). فسبحانه وتعالى الغني الحميد.

﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٩)﴾.

قال ابن جرير: هذا من تمام قيل موسى لقومه، يعني وتذكيره إياهم بأيام الله بانتقامه من الأُمم المكذبة بالرسل، وفيما قال ابن جرير نظر (٤)، والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه


(١) تقدم تخريجه وثبوته في تفسير سورة يونس آية ٣٩.
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٠/ ٣٦ ح ١٢٥٧٤) وضعف سنده محققوه لاختلاف النقاد في عمارة الصيدلاني وهو ابن زاذان. وقال الهيثمي: رواه أحمد والبزار باختصار، وفيه عمارة بن زاذان، وهو ثقة، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٣/ ١٠٥).
(٣) صحيح مسلم، البر والصلة، باب تحريم الظلم (ح ٢٥٧٧).
(٤) ذكره الطبري بنحوه.