للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال محمد بن إسحاق: عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله ذكر سدرة المنتهى، فقال: "يسير في ظل الغصن منها الراكب مائة سنة - أو قال:- يستظل في الفنن منها مائة راكب، فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال" رواه الترمذي (١).

وقال إسماعيل بن عياش: عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام الأسود، قال: سمعت أبا أُمامة الباهلي، قال: قال رسول الله : "ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى، فتفتح له أكمامها فيأخذ من أي ذلك شاء، إن شاء أبيض وإن شاء أحمر، وإن شاء أصفر، وإن شاء أسود مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن" (٢).

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة ، قال: طوبى شجرة في الجنة، يقول الله لها: تفتقي لعبدي عما شاء، فتفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها، وعن الإبل بأزمتها، وعما شاء من الكسوة (٣).

وقد روى ابن جرير عن وهب بن منبه ههنا أثرًا غريبًا وعجيبًا، قال وهب : إن في الجنة شجرة يقال لها: طوبى، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، زهرها رياط (٤)، وورقها برود (٥)، وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور، ووحلها مسك، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل، وهي مجلس لأهل الجنة، فبينما هم في مجلسهم إذ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون نجبًا مزمومة، بسلاسل من ذهب، وجوهها كالمصابيح حسنًا، ووبرها كخز المِرعزي (٦) من لينه، عليها رحال ألواحها من ياقوت، ودفوفها من ذهب، وثيابها من سندس وإستبرق فينيخونها يقولون: إن ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه وتسلموا عليه. قال: فيركبونها فهي أسرع من الطائر، وأوطأ من الفراش، نجبًا من غير مَهَنة (٧)، يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه، لا تصيب أذن راحلة منها أذن الأخرى، ولا برك رحلة برك الأخرى، حتى إن الشجرة لتتنحى عن طريقهم لئلا تفرق بين الرجل وأخيه، قال: فيأتون إلى الرحمن الرحيم فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإكرام، قال: فيقول تعالى عند ذلك: أنا السلام ومني السلام وعليكم حقت


(١) أخرجه الترمذي من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق به، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب (السنن، صفة الجنة، باب صفة ثمار أهل الجنة ح ٢٥٤١) وفيه عنعنة ابن إسحاق وقد صرح بالسماع في رواية هنا، إذ أخرجه في الزهد (ح ١١٥)، وأخرجه الحاكم من طريق يحيى بن عباد به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٦٩).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا من طريق إسماعيل بن عياش به (صفة الجنة ح ١٤٦) ونسبه إلى ابن أبي الدنيا ابن القيم (حادي الأرواح ص ٢٩١)، وسنده ضعيف لضعف سعيد بن يوسف (التقريب ص ٢٤٣).
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه وفي سنده شهر بن حوشب فيه مقال.
(٤) الرياط: جمع ريطة، وهي كل ثوب لين رقيق.
(٥) برود: جمع برد، هو من ثياب الوشي.
(٦) المرعزي: هو الزغب الذي تحت شعر العنز، وهو ألين من الصوف.
(٧) المَهَنَة: الخدمة والعمل.