للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يقول: لا يدرون حكمته في خلقه وتلطفه وفعله لما يريد.

وقوله: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ﴾ أي: يوسف ﴿أَشُدَّهُ﴾ أي: استكمل عقله وتم خلقه ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ يعني: النبوة أنه حباه بها بين أولئك الأقوام ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ أي: إنه كان محسنًا في عمله عاملًا بطاعة الله تعالى.

وقد اختلف في مقدار المدة التي بلغ فيها أشده، فقال ابن عباس ومجاهد وقتادة: ثلاث وثلاثون سنة (١).

وعن ابن عباس: بضع وثلاثون (٢).

وقال الضحاك: عشرون (٣). وقال الحسن: أربعون سنة (٤).

وقال عكرمة: خمس وعشرون سنة (٥). وقال السدي: ثلاثون سنة (٦). وقال سعيد بن جبير: ثماني عشرة (٧) سنة. وقال الإمام مالك وربيعة وزيد بن أسلم والشعبي: الأشد الحلم (٨)، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)﴾.

يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه، [فراودته عن نفسه] (٩)، أي: حاولته على نفسه ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حبًا شديدًا لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له وغلَّقت عليه الأبواب ودعته إلى نفسها، ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ فامتنع من ذلك أشد الامتناع، و ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ وكانوا يطلقون الرب على السيد الكبير، أي: إن بعلك ربي أحسن مثواي، أي منزلي، وأحسن إليَّ فلا أقابله بالفاحشة في أهله ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾، قال ذلك مجاهد والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم (١٠).


(١) قول ابن عباس أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق مجاهد عن ابن عباس، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه سُنيد، ويتقوى بما سبق.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن ابن عباس فيه إبهام شيخ الطبري.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن الضحاك فيه إبهام شيخ الطبري.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق منصور بن زاذان عن الحسن.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه حفص بن عمر العدني، وهو ضعيف.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير.
(٨) قول الإمام مالك أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه، وقول ربيعة أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عمرو بن الحارث عنه، وقول زيد بن أسلم أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عبد الرحمن بن زيد عنه، وقول الشعبي أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق مجالد عنه.
(٩) أثبت من (حم) و (مح) وسقط من الأصل.
(١٠) قول السدي أخرجه ابن أبي حاتم والطبري بسندين يقوى أحدهما الآخر بنحوه، وقول محمد بن إسحاق =