للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ أي: وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه، وقد ورد في الحديث المروي في السنن من حديث [عمرو بن أبي عمرو] (١) عن ابن عباس مرفوعًا: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (٢).

وذهب الإمام الشافعي في قول عنه وجماعة من العلماء إلى أن اللائط يقتل سواء كان محصنًا أو غير محصن عملًا بهذا الحديث.

وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق، ويُتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط (٣)، والله أعلم [بالصواب] (٤).

﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤)﴾.

يقول تعالى: ولقد أرسلنا إلى مدين وهم قبيلة من العرب كانوا يسكنون بين الحجاز والشام قريبًا من معان (٥). بلادًا تعرف بهم يُقال لها: مدين، فأرسل الله إليهم شعيبًا وكان من أشرفهم نسبًا، ولهذا قال: ﴿أَخَاهُمْ شُعَيْبًا﴾ يأمرهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له وينهاهم عن التطفيف في المكيال والميزان ﴿إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾ أي: في معيشتكم ورزقكم، وإني أخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم الله ﴿وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ [أي] (٦) في الدار الآخرة.

﴿وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦)﴾.

ينهاهم أولًا عن نقص المكيال والميزان إِذا أعطوا الناس، ثم أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين، ونهاهم عن العبث في الأرض بالفساد، وقد كانوا يقطعون الطريق.

وقوله: ﴿بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قال ابن عباس: رزق الله خير لكم (٧).

وقال الحسن: رزق الله خير لكم من بخسكم الناس (٨).

وقال الربيع بن أنس: وصية الله خير لكم (٩).


(١) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل: "عمرو بن عمر" وهو تصحيف.
(٢) تقدم تخريجه وثبوته في تفسير سورة الأعراف آية ٨٤.
(٣) ذكره الحافظ ابن كثير أوسع من هذه الأقوال في تفسير سورة الأعراف آية ٨٤.
(٤) زيادة من (حم) و (مح).
(٥) معان تقع في جنوب عمان في الأردن.
(٦) زيادة من (حم) و (مح).
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق سفيان عمن ذكره عن ابن عباس، وفيه إبهام شيخ سفيان وشيخ شيخه.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق حُميد الطويل عن الحسن.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع.