للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فأذن الله له، فقام في الصورة التي يكون في السماء، فنشر جناحه - ولجبريل جناحان - وعليه وشاح من درٍّ منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبين ورأسه حُبُك حُبُك (١) مثل المرجان، وهو اللؤلؤ كأنه الثلج ورجلاه إلى الخضرة فقال: يا لوط ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾ امض يا لوط عن الباب ودعني وإياهم، فتنحى لوط عن الباب فخرج إِليهم فنشر جناحه فضرب به وجوههم شدخ أعينهم (٢)، فصاروا عميًا لا يعرفون الطريق، ثم أمر لوط فاحتمل بأهله في ليلته قال: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾ (٣).

وروي عن محمد بن كعب وقتادة والسدي نحو هذا (٤).

﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)﴾.

يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ وكان ذلك عند طلوع الشمس ﴿جَعَلْنَا عَالِيَهَا﴾ وهي سدوم ﴿سَافِلَهَا﴾ كقوله: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)[النجم] أي: أمطرنا عليها حجارة من سجيل، وهي بالفارسية: حجارة من طين. قاله ابن عباس وغيره (٥). وقال بعضهم: أي من سنك: وهو الحجر وكل؛ وهو: الطين. وقد قال في الآية الأخرى: ﴿حِجَارَةً مِنْ طِينٍ﴾ [الذاريات: ٣٣] أي: مستحجرة قوية شديدة، وقال بعضهم: مشوية.

وقال البخاري: سجيل: الشديد الكبير، سجيل وسجين اللام والنون أختان، وقال تميم بن مقبل:

ورجلة يضربون البيض (٦) ضاحيةً … ضربًا تواصت به الأبطال سجينًا (٧)

وقوله: ﴿مَنْضُودٍ﴾ قال بعضهم: في السماء، أي معدة لذلك وقال آخرون: ﴿مَنْضُودٍ﴾ أي: يتبع بعضها بعضًا في نزولها عليهم،

وقوله: ﴿مُسَوَّمَةً﴾ أي: معلمة (٨) مختومة (٩) عليها أسماء


(١) أي جعد متكسر الشعر.
(٢) يشهد له قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ﴾ [القمر: ٣٧].
(٣) أخرجه الطبري من طريق قتادة عن حذيفة، وسنده ضعيف لأن قتادة لم يسمع حذيفة.
(٤) قول محمد بن كعب أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ابن إسحاق عن محمد بن كعب معنعنًا وباختصار، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق سعيد بن بشير عنه بنحوه وسعيد ضعيف، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه بنحوه. وكل هذه الروايات من الإسرائيليات ولبعضها شاهد من القرآن كما تقدم.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق السدي عن ابن عباس، والسدي لم يسمع من ابن عباس ويتقوى برواية الطبري إذ أخرجه من طريق السدي عن عكرمة عن ابن عباس.
(٦) البيض جمع بيضة وهي الخوذة وعنى بها الرأس.
(٧) ذكره البخاري في صحيحه (التفسير، سورة هود، باب ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧] بعد حديث رقم ٤٦٨٤).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٩) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.