للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يضيفهم أن يضيفهم أحد من قومه فينالهم بسوء ﴿وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾.

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق وغير واحد: شديد بلاؤه (١).

وذلك أنه علم أنه سيدافع عنهم ويشق عليه ذلك.

وذكر قتادة أنهم أتوه وهو في أرض له فتضيفوه فاستحيا منهم، فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق كالمعرض لهم بأن ينصرفوا عنه: إنه والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء. ثم مشى قليلًا ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات (٢).

قال قتادة: وقد كانوا أُمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك (٣).

وقال السدي: خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم نصف النهار، ولقوا بنت لوط تستقي من الماء لأهلها، وكانت له ابنتان: الكبرى رثيا، والصغرى زغرتا فقالوا: يا جارية هل من منزل؟ فقالت: مكانكم حتى آتيكم. وفرقت عليهم من قومها فأتت أباها فقالت: يا أبتاه أدرك فتيانًا على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم لا يأخذهم قومك.

وكان قومه نهوه أن يضيف رجلًا فقالوا: خلِّ عنا فلنضيف الرجال، فجاء بهم فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته، فخرجت امرأته فأخبرت قومها، فجاءوا يهرعون إليه (٤).

وقوله: ﴿يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ﴾ أي: يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك روي هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة وشمر بن عطية وسفيان بن عيينة (٥).

وقوله: ﴿وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ أي: لم يزل هذا من سجيتهم حتى أخذوا وهم على ذلك الحال.

وقوله: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ يرشدهم إلى نسائهم فإن النبي للأُمة بمنزلة الوالد فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة كما قال لهم في الآية الأخرى: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (١٦٦)[الشعراء] وقوله في الآية الأخرى: ﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (٧٠)[الحجر] أي: ألم ننهك عن ضيافة الرجال؟ ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)[الحجر] وقال في هذه الآية الكريمة: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾.


(١) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عنه.
(٢) أخرجه الطبري بسند عن قتادة عن حذيفة، وسنده ضعيف لأن قتادة لم يسمع من حذيفة.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق سعيد بن بشير عن قتادة، وسعيد هذا ضعيف.
(٤) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٥) قول ابن عباس ومجاهد وقتادة أخرجه الطبري عنهم بأسانيد ثابتة تقدم ذكرها قبل ثلاث روايات، وقول السدي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه جويبر، ويتقوى بما سبق، وقول شمر بن عطية أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق حفص بن حميد عن شمر.