للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال أبو العالية وأبو صالح وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي والربيع بن أنس: دعا موسى وأمَّن هارون (١). أي قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون، وقد يحتج بهذه الآية من يقول: إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها لأن موسى دعا وهارون أمَّن وقال تعالى: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾ الآية، أي: كما أجيبت دعوتكما فاستقيما على أمري.

قال ابن جريج، عن ابن عباس: فاستقيما فامضيا لأمري وهي الاستقامة (٢). قال ابن جريج: يقولون: إن فرعون مكث بعد هذه الدعوة أربعين سنة (٣).

وقال محمد بن علي بن الحسن: أربعين يومًا (٤).

﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (٩٢)﴾.

يذكر تعالى كيفية إغراقه فرعون وجنوده، فإن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر صحبة موسى وهم فيما قيل: ست مئة ألف مقاتل سوى الذرية، وقد كانوا استعاروا من القِبط حُليًّا كثيرًا، فخرجوا به معهم فاشتد حنق فرعون عليهم، فأرسل في المدائن حاشرين يجمعون له جنوده من أقاليمه، فركب وراءهم في أُبهة عظيمة وجيوش هائلة لما يريده الله تعالى بهم ولم يتخلف عنه أحد ممن له دولة وسلطان في سائر مملكته، فلحقوهم وقت شروق الشمس ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)[الشعراء]، وذلك أنهم لما انتهوا إلى ساحل البحر وفرعون وراءهم ولم يبق إلا أن يتقاتل الجمعان.

وألحّ أصحاب موسى عليه في السؤال: كيف المَخلَص مما نحن فيه؟ فيقول: إني أمرت أن أسلك ههنا ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢] فعندما ضاق الأمر اتسع، فأمره الله تعالى أن يضرب البحر بعصاه، فضربه فانفلق البحر، فكان كل فرق كالطود العظيم، أي: كالجبل العظيم، وصار اثني عشر طريقًا لكل سبط واحد، وأمر الله الريح فنشفت أرضه ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ [طه: ٧٧] وتخرق الماء بين الطرق كهيئة الشبابيك ليرى كل قوم الآخرين لئلا يظنوا أنهم هلكوا، وجاوزت بنو إسرائيل البحر، فلما خرج آخرهم منه انتهى فرعون وجنوده إلى حافته من الناحية الأخرى وهو في مئة ألف أدهم (٥) سوى بقية الألوان، فلما


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بحذف السند إلا أثر أبي العالية والربيع فقد أخرجه بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، والبقية أخرج آثارهم الطبري بأسانيد ضعيفة عنهم.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه انقطاع بين ابن جريج وابن عباس، وفيه الحسين وهو ابن داود ضعيف.
(٣) أخرجه الطبري بالإسناد المتقدم دون ذكر ابن عباس، وفيه أيضًا الحسين، ورواية ابن جريج من الإسرائيليات.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف جدًا من طريق سعد بن طريف وهو متروك -واتهم بالوضع كما في التقريب- عن محمد بن علي بن الحسين.
(٥) أدهم: أي فرس.