للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بذنوب أهلها). قال: قد قرأتها وليست في المصحف، فقال عباس بن عبد الله بن عباس: هكذا يقرؤها ابن عباس، فأرسلوا إلى ابن عباس فقال: هكذا أقرأني أُبي بن كعب (١).

وهذه قراءة غريبة وكأنها زيدت للتفسير.

وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ الآية، لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها رغب في الجنة ودعا إليها وسماها دار السلام، أي من الآفات والنقائص والنكبات فقال: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥)﴾.

قال أيوب، عن أبي قلابة، عن النبي قال: "قيل لي: لتنم عينك وليعقل قلبك ولتسمع أذنك، فنامت عيني وعقل قلبي وسمعت أذني، ثم قيل لي: مثلي ومثل ما جئت كمثل سيد بنى دارًا ثم صنع مأدبة وأرسل داعيًا، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة ورضي عنه السيد، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة ولم يرض عنه السيد، والله السيد، والدار الإسلام، والمأدبة الجنة، والداعي محمد " (٢).

وهذا حديث مرسل وقد جاء متصلًا من حديث الليث عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله يومًا، فقال: "إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلًا، فقال: اسمع سمعت أذنك، واعقل عقل قلبك، إنما مثلك ومثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارًا ثم بنى فيها بيتًا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولًا يدعو، الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول ومنهم من تركه، فالله الملك والدار الإسلام والبيت الجنة وأنت يا محمد الرسول، فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل منها" رواه ابن جرير (٣).

وقال قتادة: حدثني خليد العصري، عن أبي الدرداء مرفوعًا قال: قال رسول الله : "ما من يوم طلعت فيه الشمس إلا وبجنبيتها (٤) ملكان يناديان يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم، إن ما قلَّ وكفى خير مما كثُر وألهى"، قال: وأنزل في قوله: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ الآية. رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (٥).


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وقال محمود شاكر: إسناده هالك. وبيّن موضع الخلل بسبب كذب عبد العزيز وهو ابن أبان الأموي. (ينظر: ميزان الاعتدال ٢/ ٦٢٢).
(٢) أخرجه الطبري من طريق معمر عن أيوب به، وسند مرسل، ويتقوى بما يليه.
(٣) أخرجه الطبري من طريق حجاج عن الليث به، وفي سنده انقطاع لأن سعيد بن أبي هلال لم يسمع من جابر، وأخرجه الحاكم موصولًا من طريق سعيد بن أبي هلال عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن جابر، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣٣٨)، وأخرجه الدارمي من طريق أبي قلابة عن عطية أنه سمع ربيعة الجرشي … فذكره (السنن ح ١١)، وجوّد سنده الحافظ ابن حجر (الفتح ١٣/ ٢٥٦)، وأخرجه البخاري من طريق سعيد بن مينا عن جابر بنحوه (الصحيح، الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله ح ٧٢٨١).
(٤) الجنبة: أي الناحية.
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق قتادة به وصححه محمود شاكر. وأخرجه ابن حبان (الإحسان ح ٦٨٦)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٤٤٤، ٤٤٥)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ٤٤٣).