للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتمزع (١) أنف أحدهما غضبًا؛ فقال رسول الله : "إني لأعلم شيئًا لو قاله لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

وكذا رواه النسائي في "اليوم والليلة" عن يوسف بن عيسى المروزي، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد، به.

وقد روى هذا الحديث أحمد (٢) بن حنبل، عن أبي سعيد، عن زائدة، وأبو داود، عن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، والترمذي، والنسائي في "اليوم والليلة"، عن بندار، عن ابن مهدي، عن الثوري. والنسائي أيضًا من حديث زائدة بن قدامة، ثلاثتهم عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل ؛. قال: استب رجلان عند النبي ، فغضب أحدهما غضبًا شديدًا حتى يخيل إلي أن أحدهما يتمزع أنفه من شدة غضبه؛ فقال النبي : "إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد من الغضب". فقال: ما هي يا رسول الله؟ قال: يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم".

قال: فجعل معاذ يأمره، فأبى، وجعل يزداد غضبًا. وهذا لفظ أبي داود.

قال الترمذي: مرسل؛ يعني: أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يلق معاذ بن جبل، فإنه مات قبل سنة عشرين.

قلت: وقد يكون (عبد الرحمن) (٣) بن أبي ليلى () (٤) سمعه من أُبي بن كعب، كما تقدم، وبلغه عن معاذ بن جبل؛ فإن هذه القصة شهدها غير واحد من الصحابة .

قال البخاري (٥): حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عدي بن ثابت؛ قال: قال سليمان بن صرد : استب رجلان عند النبي ونحن عنده جلوس، فأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه؛ فقال النبي : "إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهبَ عنه ما (يجد) (٦)؛ لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". فقالوا للرجل: ألا تسمع ما يقول رسول الله ؟ قال: إني لست بمجنون.

وقد رواه (٧) أيضًا مع مسلم وأبي داود والنسائي من طرق متعددة عن الأعمش به، وقد جاء


(١) تمزع: يعني تقطع، وتشقق، يريد: اشتد غضبه.
(٢) في "مسنده" (٥/ ٢٤٠)؛ وأخرجه أبو داود (٤٧٨٠)؛ والنسائي في "اليوم والليلة" (٣٨٩، ٣٩٠)؛ والترمذي (٣٤٥٢)؛ وابن أبي شيبة (٨/ ٣٤٦)؛ وابن السني في "اليوم والليلة" (٤٥٤)؛ والضياء في "المختارة" (١٢٣٧)؛ وابن مردويه، كما في "الدر المنثور" (٥/ ٣٦٥) من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل. . . فذكره.
قلت: هكذا رواه سفيان الثوري وزائدة بن قدامة وجرير بن عبد الحميد مخالفين يزيد بن زياد وروايتهم أرجح، فالصواب أن الحديث من "مسند معاذ بن جبل" وقد أعلَّه الترمذي بالإرسال؛ لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذًا.
(٣) ساقط من (ك).
(٤) من (ج).
(٥) في "كتاب الأدب" من "الصحيح" (١٠/ ٥١٨، ٥١٩)؛ وأخرجه أيضًا (٦/ ٣٣٧، ١٠/ ٤٦٥)؛ وفي "الأدب المفرد" (٤٣٤، ١٣١٩)؛ ومسلم (٢٦١٠/ ١٠٩، ١١٠).
(٦) في (ن): "يجده".
(٧) يعني: البخاري.