للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(حديث آخر) قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عبد الرزاق، حَدَّثَنَا سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النَّبِيّ قال: "لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا منان، ولا ولد زنية" وكذا رواه عن يزيد، عن همام، عن منصور، عن سالم، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو به، وقد رواه أيضًا عن غندر وغيره، عن شعبة، عن منصور، عن سالم، عن نبيط بن شريط، عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النَّبِيّ قال: "لا يدخل الجنة منان، ولا عاق والديه، ولا مدمن خمر". ورواه النسائي من حديث شعبة كذلك، ثم قال: ولا نعلم أحدًا تابع شعبة عن نبيط بن شريط. وقال البخاري: لا يعرف لجابان سماع عن عبد الله، ولا لسالم من جابان ولا نبيط، وقد روي هذا الحديث من طريق مجاهد عن ابن عباس، ومن طريقه أيضًا عن أبي هريرة، فالله أعلم (١).

وقال الزهري: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أباه قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس فعلقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت: إنّا ندعوك لشهادة فدخل معها فطفقت كلما دخل بابًا أغلقته دونه حتَّى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر فقالت إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر فسقته كأسًا فقال: زيدوني فلم يرم حتَّى وقع عليها وقتل النفس فاجتنبوا الخمر فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدًا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه. رواه البيهقي (٢) وهذا إسناد صحيح وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه"ذم المسكر" عن محمد بن عبد الله بن بزيع، عن الفضيل بن سليمان النميري، عن عمر بن سعيد، عن الزهري به مرفوعًا (٣) والموقوف أصح واللّه أعلم، وله شاهد في الصحيحين عن رسول الله أنه قال: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" (٤).

وقال أحمد بن حنبل: حَدَّثَنَا أسود بن عامر، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما حرمت الخمر قال ناس: يا رسول الله، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها، فأنزل الله: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ … إلى آخر الآية، ولما حولت القبلة قال ناس: يا رسول الله، إخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ (٥) [البقرة: ١٤٣].

وقال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا داود بن مهران الدباغ، حَدَّثَنَا داود - يعني: العطار - عن أبي


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه وقال محققوه: صحيح لغيره دون قوله: "ولا ولد زنية"، المسند ١١/ ٤٩٣ (ح ٦٨٩٢).
(٢) أخرجه البيهقي من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به (السنن الكبرى ٨/ ٢٨٧).
(٣) ذم المسكر (ح ١).
(٤) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة (الصحيح، المظالم، باب النُهبى بغير إذن صاحبه ح ٢٤٧٥)، وكذا مسلم (الصحيح، الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ح ٥٧).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: صحيح لغيره (المسند ٤/ ٤٢٦ ح ٢٦٩١)، وصححه الحافظ ابن حجر (فتح الباري ١/ ٩٨).