للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(حديث آخر) قال البيهقي: وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنبأنا أبو علي الرفاء، حَدَّثَنَا علي بن عبد العزيز، حَدَّثَنَا حجاج بن منهال، حَدَّثَنَا ربيعة بن كلثوم، حدثني أبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا فلما أن ثمل القوم، عبث بعضهم ببعض، فلما أن صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ورأسه ولحيته، فيقول صنع بي هذا أخي فلان، وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن، فيقول: والله لو كان بي رؤوفًا رحيمًا ما صنع بي هذا، حتَّى وقعت الضغائن في قلوبهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فقال أناس من المتكلفين: هي رجس وهي في بطن فلان، وقد قتل يوم أُحد: فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا … ﴾ إلى آخر الآية، ورواه النسائي في التفسير عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة، عن حجاج بن منهال (١).

(حديث آخر) قال ابن جرير: حدثني محمد بن خلف، حَدَّثَنَا سعيد بن محمد الحرمي، عن أبي تُميلة، عن سلام مولى حفص أبي القاسم، عن ابن بُريدة، عن أبيه قال بينا نحن قعود على شراب لنا، ونحن على رملة، ونحن ثلاثة أو أربعة، وعندنا باطية (٢) لنا ونحن نشرب الخمر حلَا، إذ قمت حتَّى أتيتُ رسول الله فأسلم عليه، إذ نزل تحريم الخمر ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ … ﴾ إلى آخر الآيتين، ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فجئت إلى أصحابي فقرأتها عليهم إلى قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ قال: وبعض القوم شربته في يده قد شرب بعضها وبقي بعض في الإناء فقال: بالإناء تحت شفته العليا كما يفعل الحجام، ثم صبوا ما في باطيتهم، فقالوا: انتهينا ربنا (٣).

(حديث آخر) قال البخاري: حَدَّثَنَا صدقة بن الفضل، أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر قال صبح أناس غَداةَ أُحد الخمر، فقتلوا من يومهم جميعًا شهداء، وذلك قبل تحريمها (٤)، هكذا رواه البخاري في تفسيره من صحيحه.

وقد رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حَدَّثَنَا أحمد بن عبدة، حَدَّثَنَا سفيان، عن عمرو بن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول: اصطبح ناس الخمر من أصحاب النَّبِيّ ، ثم قتلوا شهداء يوم أُحد فقالت اليهود: فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم، فأنزل الله: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ ثم قال: وهذا إسناد صحيح، وهو كما قال: ولكن في سياقه غرابة (٥).


(١) السنن الكبرى للبيهقي ٨/ ٢٨٥، والسنن الكبرى للنسائي، التفسير، باب قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] (ح ١١١٥١). وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ١٤١ - ١٤٢) وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/ ٢١).
(٢) أي: إناء خاص باللبن يصنع من فخار مطلي.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده سلام مولى حفص ذكره البخاري وسكت عنه (التاريخ الكبير ٤/ ١٣٣)، وكذا ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٤/ ٢٦٢)، وله شواهد تقدمت.
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ﴾ [المائدة: ٩٠] ح ٤٦١٨).
(٥) صحح سنده الحافظ ابن كثير واستغرب قوله: فقالت اليهود …