للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، إلى قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ قال: في اليهود، إلى قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥] قال: في اليهود: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧] قال: في الكفار كلها (١)، انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري (٢) وأبو داود والنسائي وابن ماجه من غير وجه عن الأعمش به.

وقال الإمام أبو بكر عبد اللّه بن الزبير الحميدي في مسنده: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا مجالد بن سعيد الهمداني، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: زنى رجل من أهل فدك، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة، أن سلوا محمدًا عن ذلك، فإذا أمركم بالجلد فخذوه عنه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه عنه، فسألوه عن ذلك، فقال: "أرسلوا إلي أعلم رجلين فيكم" فجاؤوا برجل أعور يقال له ابن صوريا، وآخر، فقال لهما النبي : "أنتما أعلم من قبلكما" فقالا: قد دعانا قومنا لذلك، فقال النبي لهما "أليس عندكما التوراة فيها حكم اللّه" قالا: بلى، فقال النبي : "فأنشدكم بالذي فلق البحر لبني إسرائيل، وظلل عليكم الغمام، وأنجاكم من آل فرعون، وأنزل المن والسلوى على بني إسرائيل، ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ " فقال أحدهما للآخر: ما نشدت بمثله قط، ثم قالا: نجد ترداد النظر زنية، والاعتناق زنية، والتقبيل زنية، فإذا شهد أربعة أنهم رأوه يبدي ويعيد، كما يدخل الميل في المكحلة، فقد وجب الرجم، فقال النبي : "هو ذاك" فأمر به فرجم، فنزلت ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (٣). ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث مجالد به نحوه (٤).

ولفظ أبي داود عن جابر، قال: جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا، فقال: "ائتوني بأعلم رجلين منكم" فأتوه بابني صوريا، فنشدهما "كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ " قالا: نجد إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، رجما، قال: "فما يمنعكم أن ترجموهما؟ " قالا: ذهب سلطاننا فكرهنا القتل، فدعا رسول اللّه بالشهود، فجاء أربعة، فشهدوا أنهم رأوا ذكره مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول اللّه برجمهما (٥).

ثم رواه أبو داود عن الشعبي وإبراهيم النخعي مرسلًا، ولم يذكر فيه: فدعا بالشهود فشهدوا (٦).


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٤/ ٢٨٦)، وسنده صحيح وأخرجه مسلم من طريق الأعمش به (الصحيح، الحدود، باب رجم اليهود … ح ١٧٠٠).
(٢) المصدر السابق.
(٣) أخرجه الحميدي بسنده ومتنه (المسند ح ١٢٩٤)، ومسنده ضعيف بسبب ضعف مجالد.
(٤) سنن أبي داود، الحدود، باب في رجم اليهوديين (ح ٤٤٥٢)، وسنن ابن ماجه، الأحكام، باب بما يستحلف أهل الكتاب (ح ٢٣٢٨)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٧٤٠)، ولعله بشواهد وبعدم ذكر نزول الآية.
(٥) المصدر السابق من سنن أبي داود.
(٦) سنن أبي داود، الباب السابق (ح ٤٤٥٣، ٤٤٥٤).