للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فائدة، وهو ذكر أمير هذه السرية، وهو جرير بن عبد اللّه البجلي، وتقدم في صحيح مسلم أن هذه السرية كانوا عشرين فارسًا من الأنصار، وأما قوله: فكره اللّه سمل الأعين، فأنزل اللّه هذه الآية، فإنه منكر، وقد تقدم في صحيح مسلم أنهم سملوا أعين الرعاء، فكان ما فعل بهم قصاصًا، واللّه أعلم.

وقال عبد الرزاق، عن إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، قال قدم على رسول الله رجال من بني فزارة قد ماتوا هزلًا، فأمرهم النبي إلى لقاحه، فشربوا منها حتى صحّوا، ثم عمدوا إلى لقاحه فسرقوها، فطلبوا فأتى بهم النبي فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم. قال أبو هريرة ففيهم نزلت هذه الآية ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، فترك النبي سمر الأعين بعد (١)، وروي من وجه آخر عن أبي هريرة.

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن إسحاق، حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا أبو القاسم محمد بن الوليد، عن عمرو بن محمد المديني، حدثنا محمد بن طلحة، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن سلمة بن الأكوع قال: كان للنبي غلام يقال له يسار، فنظر إليه يحسن الصلاة فأعتقه، وبعثه في لقاح له بالحرة فكان بها، قال: فأظهر قوم الإسلام من عرينة، وجاؤوا وهم مرضى موعوكون قد عظمت بطونهم قال: فبعث بهم النبي إلى يسار، فكانوا يشربون من ألبان الإبل حتى انطوت بطونهم، ثم عدوا على يسار فذبحوه، وجعلوا الشوك في عينه، ثم أطردوا الإبل، فبعث النبي في آثارهم خيلًا من المسلمين، كبيرهم كرز بن جابر الفهري، فلحقهم فجاء بهم إليه فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم (٢)، غريب جدًّا، وقد روي قصة العرنيين من حديث جماعة من الصحابة منهم جابر وعائشة وغير واحد، وقد اعتنى الحافظ الجليل أبو بكر بن مردويه بتطريق هذا الحديث من وجوه كثيرة جدًّا فرحمه الله وأثابه.

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، سمعت أبي يقول: سمعت أبا حمزة عن عبد الكريم وسئل عن أبوال الإبل فقال: حدثني سعيد بن جبير عن المحاربين فقال: كان أناس أتوا رسول اللّه ، فقالوا: نبايعك على الإسلام، فبايعوه وهم كذبة، وليس الإسلام يريدون، ثم قالوا: إنا نجتوي المدينة، فقال النبي هذه اللقاح تغدوا عليكم وتروح، فاشربوا من أبوالها وألبانها، قال: فبينما هم كذلك إذ جاءهم الصريخ، فصرخ إلى رسول اللّه فقال: قتلوا الراعي، واستاقوا النعم، فأمر النبي فنودي في الناس "أن يا خيل اللّه اركبي" قال: فركبوا لا ينتظر فارس فارسًا، قال: وركب رسول الله على أثرهم، فلم يزالوا يطلبونهم حتى أدخلوهم مأمنهم، فرجع صحابة رسول اللّه وقد أسروا منهم، فأتوا بهم النبي فأنزل اللّه: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ الآية، قال فكان نفيهم أن نفوهم حتى أدخلوهم مأمنهم وأرضهم، ونفوهم من أرض المسلمين، وقتل نبي اللّه منهم وصلب، وقطع وسمر الأعين،


(١) في سنده إبراهيم بن محمد الأسلمي: متروك (التقريب ص ٩٣).
(٢) في سنده موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي: منكر الحديث (التقريب ص ٥٥٣).