للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدي بن حاتم: "إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله، فكل ما أمسك عليك"، وفي حديث أبي ثعلبة المخرج في الصحيحين أيضًا: "إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله، وإذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله" (١). ولهذا اشترط من اشترط من الأئمة كالإمام أحمد في المشهور عنه، التسمية عند إرسال الكلب، والرمي بالسهم، لهذه الآية وهذا الحديث، وهذا القول هو المشهور عن الجمهور أن المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الإرسال كما قال السدي وغيره (٢).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ يقول: إذا أرسلت جارحك فقل: باسم الله، وإن نسيت فلا حرج (٣). وقال بعض الناس: المراد بهذه الآية الأمر بالتسمية عند الأكل، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله علم ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال: "سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك" (٤).

وفي صحيح البخاري عن عائشة أنهم قالوا: يا رسول الله، إن قومًا يأتوننا حديث عهدهم بكفر بلحمان لا ندري أذكر اسم الله عليها أم لا؟ فقال: "سموا الله أنتم وكلوا" (٥).

(حديث آخر) وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا هشام، عن بُديل، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عائشة: أن رسول الله كان يأكل الطعام في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين، فقال النبي : "أما إنه لو كان ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعامًا فليذكر اسم الله، فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله، فليقل: باسم الله أوله وآخره" (٦)، وهكذا رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون به (٧)، وهذا منقطع بين عبد الله بن عبيد بن عمير وعائشة فإنه لم يسمع منها هذا الحديث بدليل ما رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب، أخبرنا هشام - يعني ابن أبي عبد الله الدستوائي -، عن بُديل، عن عبد الله بن عبيد بن عمير: أن امرأة منهم يقال لها أم كلثوم حدثته عن عائشة أن رسول الله كان يأكل طعامًا في ستة نفر من أصحابه، فجاء أعرابي جائع فأكله بلقمتين، فقال: "أما إنه لو ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله، فإن نسي اسم الله في أوله، فليقل: باسم الله أوله وآخره" (٨) رواه أحمد أيضًا وأبو داود والترمذي والنسائي من غير وجه عن هشام الدستوائي به،


(١) تقدم تخريجهما في الآية السابقة.
(٢) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٤) صحيح البخاري، الأطعمة، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين (ح ٥٣٧٦)، وصحيح مسلم، الأشربة، باب آداب الطعام والشراب (ح ٢٠٢٢).
(٥) صحيح البخاري، الذبائح والصيد، باب ذبيحة الأعراب ونحوهم (ح ٥٥٠٧).
(٦) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ١٤٣)، وسنده ضعيف للانقطاع الذي ذكره الحافظ ابن كثير، ويتقوى بلاحقه.
(٧) سنن ابن ماجه، الأطعمة، باب في التسمية عند الطعام (ح ٣٢٦٤).
(٨) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ٢٦٥)، وأخرجه الترمذي (السنن، الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام (ح ١٨٥٨)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (ح ١٥١٣)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ١٠٨).