للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جميع أمورهم، وقال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن. رواه ابن جرير (١)، ﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ﴾ أي: يرحمهم فيدخلهم الجنة، ويزيدهم ثوابًا ومضاعفة ورفعًا في درجاتهم من فضله عليهم وإحسانه إليهم، ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: طريقًا واضحًا قصدًا قوامًا لا اعوجاج فيه ولا انحراف وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق [السلامة] (٢) في جميع الاعتقادات والعمليات، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. وفي حديث الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب ، عن النبي أنه قال: "القرآن صراط الله المستقيم، وحبل الله المتين" وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير (٣)، ولله الحمد والمنة.

﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)﴾.

قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء قال: آخر سورة نزلت براءة، وآخر آية نزلت ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ (٤).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: دخل علي رسول الله وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ ثم صب علي، أو قال: صبوا عليه، فعقلت، فقلت: إنه لا يرثني إلا كلالة، فكيف الميراث؟ فأنزل الله آية الفرائض (٥)، أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة (٦)، ورواه الجماعة من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به، وفي بعض الألفاظ فنزلت آية الميراث ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ … ﴾ الآية.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، حدثنا سفيان، وقال أبو الزبير قال - يعني جابرًا -: نزلت فيَّ ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ [فِي الْكَلَالَةِ﴾ (٧).

وكأن معنى الكلام - والله أعلم - يستفتونك عن الكلالة ﴿قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ﴾] (٨) فيها، فدل المذكور على المتروك. وقد تقدم الكلام على الكلالة واشتقاقها، وأنها مأخوذة من الإكليل الذي


(١) أخرجه الطبري بالسند السابق.
(٢) كذا في (حم) و (مح) وفي الأصل: "الاستقامة".
(٣) تقدم في تفسير سورة الفاتحة آية ٦، لا يصح رفعه.
(٤) أخرجه البخاري بسنده ومتنه (الصحيح، التفسير، باب ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ … ﴾ [النساء: ١٧٦] ح ٤٦٠٥).
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٢٩٨)، وسنده صحيح.
(٦) صحيح البخاري، الوضوء، باب حب النبي (ح ١٩٤)، وصحيح مسلم، الفرائض، باب ميراث الكلالة (ح ١٦١٦).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٨) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (حم) و (مح).