للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحسد الشرعي الممدوح هو تمني حال مثل ذاك الذي هو على حالة سارة، ولهذا قال : "لا حسد إلا في اثنتين" فذكر النعمة القاصرة وهو تلاوة القرآن آناء الليل والنهار والنعمة المتعدية، وهي إنفاق المال بالليل والنهار، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩)[فاطر].

(١) [وقد روي نحو هذا من وجه آخر.

فقال عبد الله (٢) ابن الإمام أحمد: وجدت في كتاب أبي بخط يده]:

[كتب إلي أبو توبة الربيع بن نافع، فكان في كتابه: حدثنا الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة، عن يزيد بن الأخنس أن رسول الله قال: "لا تنافس بينكم إلا في اثنتين: رجل أعطاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ويتبع ما فيه فيقول رجل: لو أن الله أعطاني مثل ما أعطى فلانًا، فأقوم به كما يقوم به؛ ورجل أعطاه الله مالًا فهو ينفق ويتصدق، فيقول رجل: لو أن الله أعطاني مثل ما أعطى فلانًا فأتصدق به"] (١).

وقريب من هذا ما قال الإمام أحمد (٣): حدثنا عبد الله بن نمير، حدّثنا عبادة بن مسلم، حدثني يونس بن خباب، عن سعيد أبي البختري الطائي، عن أبي كبشة قال: سمعت رسول الله يقول: "ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثًا فاحفظوه، فأما الثلاث التي أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم أحد مظلمةً فيصبر عليها إلا زاده الله بها عزًا، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر - وأما الذي أحدثكم حديثًا فاحفظوه فإنه قال - إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعلم (لله) (٤) فيه حقه - قال - فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا ولم يرزقه مالًا، فهو يقول: لو كان لي مال عملت بعمل فلان - قال:- فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا ولم يرزقه علمًا فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقى فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقه، فهذا بأخبث المنازل، وعبد


(١) ساقط من سياق (ط) وقيد في الحاشية.
(٢) في "المسند" (٤/ ١٠٤، ١٠٥).
وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (١٠٧)؛ وأبو الشيخ في "الأمثال" (١٩٩)؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٢٢/ رقم ٦٢٦)، وفي "الأوسط" (٢٩٩٢)؛ وفي "مسند الشاميين" (١٢١٢)؛ وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ج ١٨/ ل ٢٣٣)؛ والخطابي في "الغريب" (١/ ١٩٤)؛ والبيهقي في "الشعب" (ج ٤/ رقم ١٨٢٠) من طريق الهيثم بن حميد بسنده سواء.
قال المنذري في "الترغيب" (١/ ٤٣٩)؛ والهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٥٦): "رجاله ثقات". قلت: ولكنه منقطع، قال أبو مسهر: "سليمان بن موسى لم يدرك كثير بن مرة". ولكن له طريق آخر أخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (ج ١١/ ق ١٩٢/ ٢ - ١٩٣/ ١) وإسناده جيد. والله أعلم.
(٣) في "المسند" (٤/ ٢٣١).
وأخرجه الترمذي (٢٣٢٥)؛ والطبراني في "الكبير" (ج ٢٢/ رقم ٨٥٥، ٨٦٨)؛ والبغوي في "شرح السنة" (١٤/ ٢٨٩، ٢٩٠) من طريق عبادة بن مسلم بسنده سواء قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: لكن يونس بن خباب ضعيف، ولكن له طريق آخر ويأتي.
(٤) من (ج) و (ط) و (ل).