للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حزم، وحكى لي شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي أنه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدين بن تيمية ، فاستشكله وتوقف في ذلك، والله أعلم.

وقال ابن المنذر: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا الأثرم، عن أبي عبيدة قوله: ﴿اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾، قال: في بيوتكم (١).

وأما الربيبة في ملك اليمين فقد قال الإمام مالك بن أنس، عن ابن شهاب: أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وبنتها من ملك اليمين، توطأ إحداهما بعد الأخرى؟ فقال عمر: ما أحب أن أخبرهما جميعًا (٢). يريد أن أطأهما جميعًا بملك يميني، وهذا منقطع.

وقال سنيد بن داود في تفسيره: حدثنا أبو الأحوص، عن طارق بن عبد الرحمن، عن قيس، قال: قلت لابن عباس: أيقع الرجل على امرأة وابنتها مملوكين له؟ فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، ولم أكن لأفعله (٣). وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر : لا خلاف بين العلماء أنه لا يحل لأحد أن يطأ امرأة وبنتها من ملك اليمين، لأن الله حرم ذلك في النكاح، قال: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ﴾ وملك اليمين عندهم تبع للنكاح إلا ما روي عن ابن عمر وابن عباس، وليس على ذلك أحد من أئمة الفتوى ولا من تبعهم. قال هشام عن قتادة: بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل ببطون كثيرة، وكذا قال قتادة عن أبي العالية.

ومعنى قوله: ﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ أي: نكحتموهن، قاله ابن عباس وغير واحد (٤). وقال ابن جريج عن عطاء: هو أن تهدى إليه فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها. وقلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال: هو سواء، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها (٥).

وقال ابن جرير: وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأته لا يحرّم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النظر إلى فرجها بشهوة ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ أي: وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية. كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾ [الأحزاب: ٣٧]، وقال ابن جريج: سألت عطاء عن قوله: ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾. قال: كنا نحدث - والله أعلم - أن النبي لما نكح امرأة زيد، قال المشركون


(١) أخرجه ابن المنذر في تفسيره برقم (١٥٤٧) بسنده ومتنه، وسنده ثابت فالرواية أوردها أبو عبيدة في مجاز القرآن ١/ ١٢١.
(٢) أخرجه الإمام مالك بسند متصل عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب به وفي آخره، ونهى عن ذلك (الموطأ، النكاح، باب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين ٢/ ٥٣٨ ح ٣٣).
(٣) سنده حسن، وقيس هو: ابن أبي حازم البجلي ثقة (التقريب ص ٢٨١).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده الثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٥) أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج به (المصنف ٦/ ٢٧٦ رقم ١٠٨٢٢)، وسنده صحيح.
(٦) ذكره الطبري بلفظه في تفسيره (٦/ ٥٦٠).