للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسرف ولا مبذر ولا متأثل (١) مالًا ومن غير أن تقي مالك - أو قال - تفدي مالك بماله" شك حسين (٢).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، حدثنا حسين المكتب، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل إلى النبي فقال: إن عندي يتيمًا عنده مال وليس عندي شئ ما، آكل من ماله؟ قال: "بالمعروف غير مسرف" (٣). ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث حسين المعلم به (٤).

وروى أبو حاتم بن حبان في صحيحه وابن مردويه في تفسيره من حديث يعلى بن مهدي، عن جعفر بن سليمان، عن [أبي عامر] (٥) الخزاز، عن عمرو بن دينار، عن جابر أن رجلًا قال: يا رسول الله مما أضرب يتيمي؟ قال: "ما كنت ضاربًا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا متأثل منه مالًا" (٦).

وقال ابن جرير: حدثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابي إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتامًا وإن لهم إبلًا ولي إبل، وأنا أمنح في إبلي وأفْقر، فماذا يحل لي من ألبانها؟ فقال: إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ (٧) جرباها وتلوط حوضها (٨) وتسقي عليها فاشرب غير مضر بنسل، ولا ناهك في الحلب (٩). ورواه مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد به (١٠).

وبهذا القول وهو عدم أداء البدل، يقول عطاء بن أبي رباح وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطية العوفي والحسن البصري. (والثاني) نعم، لأن مال اليتيم على الحظر، وإنما أبيح للحاجة فيرد بدله كأكل مال الغير للمضطر عند الحاجة.


(١) يقال: مال مؤثل ومجد مؤثل، أي: مجموع ذو أصل، وأثلة الشيء: أصله (النهاية ١/ ٢٣).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ح ٦٧٤٧)، وصححه أحمد شاكر وذكر الحافظ ابن حجر أن إسناده قوي (الفتح ٨/ ٢٤١).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وإسناده حسن، وقد فصلت الكلام عن إسناده في تحقيقي له.
(٤) سنن أبي داود، الوصايا، باب ما جاء فيما لولي اليتيم (ح ٢٨٧٨)، وسنن النسائي، الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم ٦/ ٢٥٦، وسنن ابن ماجه، الوصايا، باب قوله: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ٦] (ح ٢٧١٨)، وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح سنن النسائي ح ٣٤٢٩).
(٥) في الأصل: "ابن عامر" وهو تصحيف والتصويب من (ح) و (حم) و (مح).
(٦) أخرجه ابن حبان من طريق مُعلى بن مهدي به (الإحسان ١٠/ ٥٥ ح ٤٢٤٤)، وأخرجه البيهقي من طريق معلى بن مهدي به، ثم قال: كذا رواه والمحفوظ ما أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، ثنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي، ثنا أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا حماد بن زيد وسفيان، عن عمرو بن دينار، عن الحسن العرني أن رجلًا قال: يا رسول الله … قال: وهذا مرسل (السنن الكبرى ٦/ ٤)، ويشهد له سابقه.
(٧) تهنأ: أي الطلاء بالهناء وهو القطران (ينظر: القاموس المحيط، مادة: هـ ن أ).
(٨) تلوط حوضها: أي تصلحه بالطين (ينظر: النهاية، مادة: ل و ط).
(٩) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه عبد الرزاق به وسنده صحيح.
(١٠) الموطأ، صفة النبي ، باب جامع ما جاء في الطعام والشراب ٢/ ٩٣٤ (ح ٣٣).