للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الله: "نعم" (١)، وعن ابن عباس، عن رسول الله أنه قال: قال الله قد فعلت وجاء في الحديث من طرق عن رسول الله أنه قال: "بُعثتُ بالحنيفية السمحة" (٢).

وقوله: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِنَ﴾ أي: من التكليف والمصائب والبلاء لا تبتلنا بما لا قبل لنا به.

وقد قال مكحول في قوله: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ قال: الغربة والغلمة، رواه ابن أبي حاتم (٣)، قال الله: "نعم".

وفي الحديث الآخر: "قال الله: قد فعلت" (٤).

وقوله: ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾ أي: فيما بيننا وبينك مما تعلمه من تقصيرنا وزللنا ﴿وَاغْفِرْ لَنَا﴾ أي: فيما بيننا وبين عبادك فلا تظهرهم على مساوينا وأعمالنا القبيحة ﴿وَارْحَمْنَا﴾ أي: فيما يستقبل فلا توقعنا بتوفيقك في ذنب آخر، ولهذا قالوا: إن المذنب محتاج إلى ثلاثة أشياء: أن يعفو الله عنه فيما بينه وبينه، وأن يستره عن عباده فلا يفضحه به بينهم، وأن يعصمه فلا يوقعه في نظيره.

وقد تقدم في الحديث أن الله قال: "نعم".

وفي (٥) الحديث الآخر: قال الله: قد فعلت.

وقوله: ﴿أَنْتَ مَوْلَانَا﴾ أي: أنت ولينا وناصرنا، وعليك توكلنا، وأنت المستعان، وعليك التكلان، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك، ﴿فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ أي: الذين جحدوا دينك، وأنكروا وحدانيتك ورسالة نبيك، وعبدوا غيرك وأشركوا معك من عبادك، فانصرنا عليهم، واجعل لنا العاقبة عليهم في الدنيا والآخرة، قال الله: نعم.

وفي الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس، قال الله: قد فعلت (٦).

وقال ابن جرير: حدثني مثنى بن إبراهيم، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق أن معاذًا ، كان إذا فرغ من هذه السورة ﴿فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ قال: آمين (٧). ورواه وكيع عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن معاذ بن جبل، أنه كان إذا ختم البقرة قال: آمين (٨).

آخر تفسير سورة البقرة، ولله الحمد والمنة.


(١) صحيح مسلم، الإيمان، باب بيان أنه لن يكلف إلا ما يطاق (ح ١٩٧).
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسند حسن (المسند ٤١/ ٣٤٩ ح ٢٤٨٥٥).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم عن مكحول - والغلمة بضم الغيْن وسكون اللام -: شهوة النكاح (لسان العرب ١٢/ ٤٣٩).
(٤) هذه الجملة أراها مكررة، فقد ذكرت قبل قول مكحول وبعده أيضًا بخمسة أسطر.
(٥) (٦) تقدم في صحيح مسلم في الصفحة السابقة.
(٧) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده أبو إسحاق وهو السبيعي لم يلق معاذًا . وسنده منقطع.
(٨) في سنده رجل مبهم وهو الواسطة بين أبي إسحاق ومعاذ.