للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشيخ تقي الدين (١): "بل هو مرفوعٌ، لكونه أحرى باطلاعه - صلى الله عليه وسلم -، فكان مراد الحاكم أنه موقوفٌ من جهة اللفظ، وهو كذلك".

[تعقب ابن الصلاح]:

قلت: في صحة هذا الحديث بحث، لما طعن بعض الحفاظ في رواته، وعلى تقدير الصِّحة (٢)؛ فإن ثبت عدم اطلاعه - صلى الله عليه وسلم - فهو من قبيل الموقوف، وإلا فهو مرفوع (٣)، إذ لا فرق بينه وبين قوله: "كانوا يفعلون كذا"، "كانوا لا يرون بأسًا بكذا في حياته"، كيف نجعل هذا مرفوعًا مطلقًا، ونجعل ذاك مرفوعًا معنى، وموقوفًا بحسب اللفظ؟ والله أعلم.

٥٦ - وأما إذا قال الصَّحابيُّ: أُمرنا بكذا، أو نُهينا عن كذا، فالصَّحيح أنه مسنذ مرفوع أيضًا عند علماء الحديث والأصوليين، لأن مطلق الاسم بظاهره يصرف إلى من إليه الأمر والنهي، وكذلك قول الصحابي: من السُّنَّة كذا، إذ لا يراد عند الإطلاق إلا سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -،


= الثانية: في قول المغيرة بيان أدب الصحابة مع رسول - صلى الله عليه وسلم -، وإجلالهم له، كما عُرف ذلك منهم في حقه، وإن علله السهيلي في "الروض الأنف" (٤/ ٢٦٨) بقوله: "لأن بابه لم يكن له حلق يطرق بها" ولذا تعقبه ابن حجر في "الفتح" (١١/ ٤٤ - ط دار السلام) فقال على إثره: "والذي يظهر أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك توقيرًا وإجلالًا وأدبًا"، وقال قبله: "وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب، وهو حسن من قَرُب محله عن بابه، أما من بَعُد عن الباب بحيث لا يبلغ صوت القرع بالظفر، فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه".
(١) "المقدمة" (ص ٤٩).
(٢) هو كذلك، كما بيّنَّاه في التخريج.
(٣) انظر كتابي "بهجة المنتفع" (ص ٢٩٥ - ٢٩٧).

<<  <   >  >>