للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[[الإملاء من أعلى مراتب الرواية]]

١٨٢ - ويُستَحَبُّ للمحدِّثِ العارفِ عَقْدُ مجلسٍ لإملاءِ الحديث، فإنّه مِنْ أَعلى مراتبِ الرَّاوين، والسَّماعُ فيه من أحسنِ وُجوهِ التَّحمُّل.

وعن القاضي تقي الدِّين (١)، عن السِّلَفيِّ (٢) أنشدَ لنَفْسِهِ:

وَاظِبْ على كَتْبِ الأمَالي جَاهِدًا … من أَلْسُنِ الحفاظ والفُضَلاءِ

فَأَجَلُّ أنواعِ الحديثِ بأسْرِها … ما يَكْتُبُ الإنسانُ في الإمْلاءِ

لأنَّ الشَّيخَ يعلمُ ما يُملي ويتدبّره، والكَاتبُ يتحقَّق ما يسمعُه ويكتبُه (٣).


(١) في "الاقتراح" (ص ٢٧٦).
(٢) قال في "المجالس الخمسة السلماسية" (ص ٥٣ - بتحقيقي): "ومما قُلته بهمذان" وذكرهما، وفي الثاني منهما: "السَّماع" بدل "الحديث".
ومن طريقه: الرافعي في آخر "الأمالي" له- كما في "نكت الزركشي" (٣/ ٦٤٧) - والسمعاني في "أدب الإملاء" (١٢ - ط دار الكتب العلمية) وابن رشيد في "ملء الغيبة" (٣/ ٣٦).
(٣) قال السمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص ١٢): "وقد أملى النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتب إلى الملوك وفي المصالحة" وأسند ذلك، وهو معروف عند طلبة علم الحديث. وجمع السخاوي في "فتح المغيث" (٢/ ٢٩٤) (فوائد الإملاء) بقوله: "ومن فوائده: اعتناء الراوي بطرق الحديث وشواهده ومتابعه وعاضده بحيث بها يتقوى ويثبت لأجلها حكمه بالصحة أوْ غيرها، ولا ينزوي، ويترتب عليها إِظهار الخفي من العلل، ويهذب اللفظ من الخطأ والزلل، ويتضح ما لعله يكون غامضًا في بعض الروايات ويفصح بتعيين ما أبهم أو أهمل أو أدرج، فيصير من الجليات، وحرصه على ضبط غريب المتن والسند، وفحصه عن المعاني التي فيها نشاط النفس، ويبعد السماع فيها عن الخطأ والتصحيف، الذي قلَّ أن يعرى عنه لبيب أو حصيف، وزيادة التفهم والتفهيم لكل من حضر، من أجل تكرر المراجعة في تضاعيف الإِملاءِ والكتابة والمقابلة=

<<  <   >  >>