للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُعتبر رواياته بروايات الثِّقات المعروفين بالضبط، والإتقان، فإنْ وافقهم عليها بحيث تكون مخالفته نادرةً عرف كونه ضابطًا ثَبْتًا، وإنْ وجدنا كثرة مخالفته عرفنا اختلال ضبطه لم نحتجّ بحديثهِ.

قلت: ويمكن معرفة ضبطه بالاختبار بأن يزاد كلمات في المرويِّ، أو يُنقص، ويُلقى عليه، فإنْ تفطَّن لذلك علم أنه ضابطٌ متيقِّظٌ، وإلا فلا، كما فُعِل بالبخاريِّ (١) فيما ذكرناه من حديث قَلب الأحاديث.

* [اختبار العقيلي في حفظه وعجيبة في ذلك]:

وفُعِل أيضًا بأبي جعفر مُحمَّد بن عَمرو بن مُوسى العُقَيليّ (٢)، فإنه لا يخرج أصله حين يُسْمَعُ عليه فاتُّهم بذلك.

قال مسلمة بن القاسم: فاتفقتُ مع نَفَرٍ من أصحابِ الحديثِ، وأخذنا أحاديث من رواية العُقَيلي، وبدَّلنا فيها ألفاظًا بالزِّيادة والنُّقصان، ثم جئنا إليه، وقلنا: هذه الأحاديث من روايتك، أردنا قراءتها عليك، فقال: اقْرَأ، فقرأناها، فلما أتت الزِّيادة والنقصان تفطَّن لذلك، فأخذَ منِّي الكتابَ، وأخَذَ القَلَم وأصلَحها مِنْ حفظه بأنْ أَلحق النُّقصانَ وضَرَبَ على الزِّيادة، ثم قرأها علينا، فانصرفنا من عنده، وطابت أنفسُنا، وزالتْ التُّهمة، فعرفنا أنه من أضبطِ النَّاس، وأحفظهم (٣).


(١) سبق ذكره (ص ٢٦٥).
(٢) مؤلِّف كتاب "الضعفاء"، توفي سنة اثنين وعشرين وثلاث مئة، رحمه الله تعالى.
(٣) نقله عن مسلمة: الذهبي في "السير" (١٥/ ٢٣٧) وفي "تذكرة الحفاظ" (٣/ ٨٣٣/ ٨٣٤).

<<  <   >  >>