للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأتراك السلجوقية الذين يحبون أهل السنة ويوالونهم ويرفعون قدرهم، والله المحمود، أبدا على طول المدى. وأمر رئيس الرؤساء الوالي بقتل أبى عبد الله بن الجلاب شيخ الروافض، لما كان تظاهر به من الرفض والغلو فيه، فقتل على باب دكانه، وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره.

وفيها جاء البساسيري قبحه الله إلى الموصل ومعه نور الدولة دبيس، في جيش كثيف، فاقتتل مع صاحبها قريش ونصره قتلمش بن عم طغرلبك، وهو جد ملوك الروم، فهزمهما البساسيري، وأخذ البلد قهرا، فخطب بها للمصريين، وأخرج كاتبه من السجن، وقد كان أظهر الإسلام ظنا منه أنه ينفعه، فلم ينفعه فقتل، وكذلك خطب للمصريين فيها بالكوفة وواسط وغيرها من البلاد. وعزم طغرلبك على المسير إلى الموصل لمناجزة البساسيري فنهاه الخليفة عن ذلك لضيق الحال وغلاء الأسعار، فلم يقبل فخرج بجيشه قاصدا الموصل بجحافل عظيمة، ومعه الفيلة والمنجنيقات، وكان جيشه لكثرتهم ينهبون القرى، وربما سطوا على بعض الحريم، فكتب الخليفة إلى السلطان ينهاه عن ذلك، فبعث إليه يعتذر لكثرة من معه، واتفق أنه رأى رسول الله في المنام فسلم عليه فأعرض عنه، فقال:

يا رسول الله لأى شيء تعرض عنى؟ فقال: يحكمك الله في البلاد ثم لا ترفق بخلقه ولا تخاف من جلال الله ﷿. فاستيقظ مذعورا وأمر وزيره أن ينادى في الجيش بالعدل، وأن لا يظلم أحد أحدا.

ولما اقترب من الموصل فتح دونها بلادا، ثم فتحها وسلمها إلى أخيه داود، ثم سار منها إلى بلاد بكر ففتح أماكن كثيرة هناك.

وفيها ظهرت دولة الملثمين ببلاد المغرب، وأظهروا إعزاز الدين وكلمة الحق واستولوا على بلاد كثيرة منها سجلماسة وأعمالها والسوس، وقتلوا خلقا كثيرا من أهلها، وأول ملوك الملثمين رجل يقال له أبو بكر بن عمر، وقد أقام بسجلماسة إلى أن توفى سنة ثنتين وستين كما سيأتي بيانه، ثم ولى بعده أبو نصر يوسف بن تاشفين، وتلقب بأمير المؤمنين، وقوى أمره، وعلا قدره ببلاد المغرب.

وفيها ألزم أهل الذمة بلبس الغيار ببغداد، عن أمر السلطان. وفيها ولد لذخيرة الدين بعد موته من جارية له ولد ذكر، وهو أبو القاسم عبد الله المقتدى بأمر الله. وفيها كان الغلاء والفناء أيضا مستمرين على الناس ببغداد وغيرها من البلاد، على ما كان عليه الأمر في السنة الماضية، ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. ولم يحج أحد من أهل العراق فيها.

[وفيها توفى من الأعيان]

[على بن أحمد بن على بن سلك]

أبو الحسن المؤدب، المعروف بالفالي (١)، صاحب الأمالي، وفالة قرية قريبة من إيذج، أقام


(١) لان صاحب الأمالي اسمه أبو على إسماعيل بن القاسم ووفاته سنة ٣٥٦ فجعله صاحب الأمالي خطأ بلا شك وانما هو الفالى بالفاء كما في النجوم الزاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>