حصرهم في بعض المواقف بعض الأمراء من جهة الخليفة فقتل الموجودين عنده عن آخرهم. وفيها سلمت الصقالبة حصن لؤلؤة إلى طاغية الروم. وفيها تغلب أخو شركب الجمال على نيسابور وأخرج منها عاملها الحسين بن طاهر وأخذ من أهلها ثلث أموالهم مصادرة قبحه الله. وحج بالناس فيها الفضل بن إسحاق العباسي.
وفيها توفى من الأعيان مساور بن عبد الحميد الشاري الخارجي، وقد كان من الأبطال والشجعان المشهورين، والتف عليه خلق من الأعراب وغيرهم، وطالت مدته حتى قصمه الله. ووزير الخلافة عبيد الله بن يحيى بن خاقان صدمه في الميدان خادم يقال له رشيق فسقط عن دابته على أم رأسه فخرج دماغه من أذنيه وأنفه فمات بعد ثلاث ساعات، وصلى عليه أبو أحمد الموفق بن المتوكل، ومشى في جنازته، وذلك يوم الجمعة لعشر خلون من ذي القعدة من هذه السنة، واستوزر من الغد الحسن بن مخلد، فلما قدم موسى بن بغا سامرا عزله واستوزر مكانه سليمان بن وهب، وسلمت دار عبد الله بن يحيى بن خاقان إلى الأمير المعروف بكيطلغ. وفيها توفى أحمد بن الأزهر. والحسن بن أبى الربيع. ومعاوية بن صالح الأشعري.
[ثم دخلت سنة أربع وستين ومائتين]
في المحرم منها عسكر أبو أحمد وموسى بن بغا بسامراء وخرجها منها لليلتين مضتا من صفر، وخرج المعتمد لتوديعهما، وسارا إلى بغداد. فلما وصلا إلى بغداد توفى الأمير موسى بن بغا وحمل إلى سامرا فدفن بها. وفيها ولى محمد بن المولد واسطا لمحاربة سليمان بن جامع نائبها من جهة صاحب الزنج، فهزمه ابن المولد بعد حروب طويلة. وفيها سار ابن الديراني إلى مدينة الدينور واجتمع عليه دلف بن عبد العزيز بن أبى دلف وابن عياض فهزماه ونهبا أمواله ورجع مغلولا. ولما توفى موسى بن بغا عزل الخليفة الوزير الّذي كان من جهته وهو سليمان بن حرب وحبسه مقيدا وأمر بنهب دوره ودور أقربائه ورد الحسن بن مخلد إلى الوزارة، فبلغ ذلك أبا أحمد وهو ببغداد فسار بمن معه إلى سامرا فتحصن منه أخوه المعتمد بجانبها الغربي، فلما كان يوم التروية عبر جيش أبى أحمد إلى الجانب الّذي فيه المعتمد فلم يكن بينهم قتال بل اصطلحوا على رد سليمان بن وهب إلى الوزارة وهرب الحسن بن خلد فنهبت أمواله وحواصله واختفى أبو عيسى بن المتوكل ثم ظهر، وهرب جماعة من الأمراء إلى الموصل خوفا من أبى أحمد، وفيها حج بالناس هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشمي الكوفي.
[وفيها توفى من الأعيان]
أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. وإسماعيل بن يحيى المزني أحد رواة الحديث عن الشافعيّ من أهل مصر وقد ترجمناه في طبقات الشافعيين.