[وقد تقدم هذا الفصل عند عمرة الجعرانة. وسيأتي في فصل من قال إنه ﵇ حج قارنا وبالله المستعان. فالأولى، من هذه العمر] عمرة الحديبيّة التي صد عنها. ثم بعدها عمرة القضاء ويقال عمرة القصاص ويقال عمرة القضية. ثم بعدها عمرة الجعرانة مرجعه من الطائف حين قسم غنائم حنين وقد قدمنا ذلك كله في مواضعه، والرابعة عمرته مع حجته وسنبين اختلاف الناس في عمرته هذه مع الحجة هل كان متمتعا بان أوقع العمرة قبل الحجة وحل منها أو منعه من الإحلال منها سوقه الهدى أو كان قارنا لها مع الحجة كما نذكره من الأحاديث الدالة على ذلك أو كان مفردا لها عن الحجة بأن أوقعها بعد قضاء الحجة قال وهذا هو الّذي يقوله من يقول بالإفراد كما هو المشهور عن الشافعيّ وسيأتي بيان هذا عند ذكرنا إحرامه ﷺ كيف كان مفردا أو متمتعا أو قارنا.
قال البخاري: ثنا عمرو بن خالد ثنا زهير ثنا أبو إسحاق حدثني زيد بن أرقم ان النبي ﷺ غزا تسع عشرة غزوة وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة قال أبو إسحاق وبمكة أخرى وقد رواه مسلّم من حديث زهير وأخرجاه من حديث شعبة. زاد البخاري وإسرائيل ثلاثتهم عن أبى إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي عن زيد به وهذا الّذي قال أبو إسحاق من أنه ﵇ حج بمكة حجة أخرى أي أراد أنه لم يقع منه بمكة إلا حجة واحدة كما هو ظاهر لفظه فهو بعيد
فإنه ﵇ كان بعد الرسالة يحضر مواسم الحج ويدعو الناس إلى الله ويقول:«من رجل يؤوينى حتى أبلغ كلام ربى فإن قريشا قد منعونى أن أبلغ كلام ربى ﷿» حتى قيض الله جماعة الأنصار يلقونه ليلة العقبة أي عشية يوم النحر عند جمرة العقبة ثلاث سنين متتاليات حتى إذا كانوا آخر سنة بايعوه ليلة العقبة الثانية وهي ثالث اجتماعه لهم به ثم كانت بعدها الهجرة إلى المدينة كما قدمنا ذلك مبسوطا في موضعه والله أعلم.
وفي حديث جعفر بن محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن جابر بن عبد الله. قال: أقام رسول الله ﷺ بالمدينة تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس بالحج فاجتمع بالمدينة بشر كثير فخرج رسول الله ﷺ لخمس بقين من ذي القعدة أو لأربع فلما كان بذي الحليفة صلى ثم استوى على راحلته فلما أخذت به في البيداء لبى واهللنا لا ننوى إلا الحج. وسيأتي الحديث بطوله وهو في صحيح مسلّم وهذا لفظ البيهقي من طريق احمد بن حنبل عن إبراهيم بن طهمان عن جعفر بن محمد به.
باب تاريخ خروجه ﵇ من المدينة لحجة الوداع بعد ما استعمل عليها أبا دجانة سماك بن حرشة الساعدي، ويقال سباع بن عرفطة الغفاريّ حكاهما عبد الملك بن هشام
قال محمد بن إسحاق: فلما دخل على رسول الله ﷺ ذو القعدة من سنة عشر تجهز للحج، وأمر