للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر خلافة عبد الله المأمون بن الرشيد هارون]

لما قتل أخوه محمد في رابع صفر من سنة ثمان وتسعين ومائة وقيل في المحرم، استوسقت البيعة شرقا وغربا للمأمون: فولى الحسن بن سهل نيابة العراق وفارس والأهواز والكوفة والبصرة والحجاز واليمن، وبعث نوابه إلى هذه الأقاليم، وكتب إلى طاهر بن الحسين أن ينصرف إلى الرقة لحرب نصر بن شبث، وولاه نيابة الجزيرة والشام والموصل والمغرب. وكتب إلى هرثمة بن أعين بنيابة خراسان. وفيها حج بالناس العباس بن عيسى الهاشمي. وفيها توفى سفيان بن عيينة. وعبد الرحمن ابن مهدي. ويحيى القطان. فهؤلاء الثلاثة سادة العلماء في الحديث والفقه وأسماء الرجال.

[ثم دخلت سنة تسع وتسعين ومائة]

فيها قدم الحسن بن سهل بغداد نائبا عليها من جهة المأمون، ووجه نوابه إلى بقية أعماله، وتوجه طاهر إلى نيابة الجزيرة والشام ومصر وبلاد المغرب. وسار هرثمة إلى خراسان نائبا عليها، وكان قد خرج في أواخر السنة الماضية في ذي الحجة منها، الحسن الهرش يدعو إلى الرضى من آل محمد، فجبى الأموال وانتهب الأنعام وعاث في البلاد فسادا فبعث إليه المأمون جيشا فقتلوه في المحرم من هذه السنة. وفيها خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل، بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة، يدعو إلى الرضى من آل محمد، والعمل بالكتاب والسنة، وهو الّذي يقال له ابن طباطبا، وكان القائم بأمره وتدبير الحرب بين يديه أبو السرايا السري بن منصور الشيباني، وقد اتفق أهل الكوفة على موافقته واجتمعوا عليه من كل فج عميق، ووفدت إليه الأعراب من نواحي الكوفة، وكان النائب عليها من جهة الحسن بن سهل سليمان ابن أبى جعفر المنصور، فبعث الحسن بن سهل يلومه ويؤنبه على ذلك، وأرسل إليه بعشرة آلاف فارس صحبة زاهر بن زهير بن المسيب، فتقاتلوا خارج الكوفة فهزموا زاهرا واستباحوا جيشه ونهبوا ما كان معه، وذلك يوم الأربعاء سلخ جمادى الآخرة، فلما كان الغد من الوقعة توفى ابن طباطبا أمير الشيعة فجأة، يقال إن أبا السرايا سمه وأقام مكانه غلاما أمرد يقال له محمد بن محمد بن زيد بن على ابن الحسين بن على بن طالب. وانعزل زاهر بمن بقي معه من أصحابه إلى قصر ابن هبيرة، وأرسل الحسن بن سهل مع عبدوس بن محمد أربعة آلاف فارس، صورة مدد لزاهر، فالتقوهم وأبو السرايا فهزمهم أبو السرايا ولم يفلت من أصحاب عبدوس أحد، وانتشر الطالبيون في تلك البلاد، وضرب أبو السرايا الدراهم والدنانير في الكوفة، ونقش عليه ﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ الآية. ثم بعث أبو السرايا جيوشه إلى البصرة وواسط والمدائن فهزموا من فيها من النواب ودخلوها قهرا، وقويت شوكتهم، فأهم ذلك الحسن بن سهل وكتب إلى هرثمة يستدعيه لحرب أبى السرايا

<<  <  ج: ص:  >  >>