للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد أيضا. والعالية من امرأة من بنى أمية.

[ذكر خلافة المهدي بن المنصور]

لما مات أبوه بمكة لست أو لسبع مضين من ذي الحجة من سنة ثمان وخمسين ومائة أخذت البيعة للمهدي من رءوس بنى هاشم والقواد الذين هم مع المنصور في الحج قبل دفنه، وبعث الربيع الحاجب بالبيعة مع البرد إلى المهدي وهو ببغداد، فدخل عليه البريد بذلك يوم الثلاثاء النصف من ذي الحجة، فسلم عليه بالخلافة وأعطاه الكتب بالبيعة، وبايعه أهل بغداد، ونفذت بيعته إلى سائر الآفاق. وذكر ابن جرير أن المنصور قبل موته بيوم تحامل وتساند واستدعى بالأمراء فجدد البيعة لابنه المهدي، فتسارعوا إلى ذلك وتبادروا إليه. وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن يحيى بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس عن وصية عمه المنصور، وهو الّذي صلى عليه، وقيل إن الّذي صلى على المنصور عيسى بن موسى ولى العهد من بعد المهدي، والصحيح الأول، لأنه كان نائب مكة والطائف، وعلى إمرة المدينة عبد الصمد بن على، وعلى الكوفة عمرو بن زهير الضبيّ أخو المسيب ابن زهير أمير الشرطة للخليفة - وعلى خراسان حميد بن قحطبة، وعلى خراج البصرة وأرضها عمارة ابن حمزة، وعلى صلاتها وقضائها عبد الله بن الحسن العنبري، وعلى أحداثها سعيد بن دعلج.

قال الواقدي: وأصاب الناس في هذه السنة وباب شديد فتوفى فيه خلق كثير وجم غفير، منهم أفلج بن حميد، وحيوة بن شريح، ومعاوية بن صالح بمكة، وزفر بن الهذيل بن قيس بن سليم ثم ساق نسبه إلى معد بن عدنان، يقال له التميمي العنبري الكوفي الفقيه الحنفي، أقدم أصحاب أبى حنيفة وفاة، وأكثرهم استعمالا للقياس، وكان عابدا، واشتغل أولا بعلم الحديث ثم غلب عليه الفقه والقياس. ولد سنة ست عشرة ومائة، وتوفى سنة ثمان وخمسين ومائة عن ثنتين وأربعين سنة وإيانا.

[ثم دخلت سنة تسع وخمسين ومائة]

استهلت هذه السنة وخليفة الناس أبو عبد الله محمد بن المنصور المهدي، فبعث في أولها العباس ابن محمد إلى بلاد الروم في جيش كثيف، وركب معهم مشيعا لهم، فساروا إليها فافتتحوا مدينة عظيمة الروم، وغنموا غنائم كثيرة ورجعوا سالمين لم يفقد منهم أحد. وفيها توفى حميد بن قحطبة نائب خراسان، فولى المهدي مكانه أبا عون عبد الملك بن يزيد، وولى حمزة بن مالك سجستان، وولى جبريل بن يحيى سمرقند وفيها بنى المهدي مسجد الرصافة وخندقها. وفيها جهز جيشا كثيفا إلى بلاد الهند فوصلوا إليها في السنة الآتية، وكان من أمرهم ما سنذكره. وفيها توفى نائب السند معبد بن الخليل فولى المهدي مكانه روح بن حاتم بمشورة وزيره أبى عبد الله. وفيها أطلق المهدي من كان في السجون إلا من كان محبوسا على دم، أو من سعى في الأرض فسادا، أو من كان عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>