للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك الأشرف بن العادل. وفيها نافق الأمير عماد الدين بن المشطوب على الملك الأشرف وكان قد آواه وحفظه من أذى أخيه الكامل حين أراد أن يبايع للفائز، ثم إنه سعى في الأرض فسادا في بلاد الجزيرة فسجنه الأشرف حتى مات كمدا وذلا وعذابا. وفيها أوقع الكامل بالفرنج الذين على دمياط بأسا شديدا فقتل منهم عشرة آلاف، وأخذ منهم خيولهم وأموالهم ولله الحمد.

وفيها عزل المعظم المعتمد مفاخر الدين إبراهيم عن ولاية دمشق وولاها للعزيز خليل، ولما خرج الحاج إلى مكة شرفها الله تعالى كان أميرهم المعتمد فحصل به خير كثير، وذلك أنه كف عبيد مكة عن نهب الحجاج بعد قتلهم أمير حاج العراقيين أقباش الناصري، وكان من أكبر الأمراء عند الخليفة الناصر وأخصهم عنده، وذلك لأنه قدم معه بخلع للأمير حسين بن أبى عزيز قتادة بن إدريس ابن مطاعن بن عبد الكريم العلويّ الحسنى الزيدي بولايته لامرة مكة بعد أبيه، وكانت وفاته في جمادى الأولى من هذه السنة، فنازع في ذلك راجح وهو أكبر أولاد قتادة، وقال لا يتأمر عليها غيري، فوقعت فتنة أفضى الحال إلى قتل أقباش غلطا، وقد كان قتادة من أكابر الاشراف الحسنيين الزيديين وكان عادلا منصفا منعما، نقمة على عبيد مكة والمفسدين بها، ثم عكس هذا السير فظلم وجدد المكوس ونهب الحاج غير مرة فسلط الله عليه ولده حسنا فقتله وقتل عمه وأخاه أيضا، فلهذا لم يمهل الله حسنا أيضا، بل سلبه الملك وشرده في البلاد، وقيل بل قتل كما ذكرنا، وكان قتادة شيخا طويلا مهيبا لا يخاف من أحد من الخلفاء والملوك، ويرى أنه أحق بالأمر من كل أحد، وكان الخليفة بود لو حضر عنده فيكرمه، وكان يأبى من ذلك ويمتنع عنه أشد الامتناع، ولم يفد إلى أحد قط ولا ذل لخليفة ولا ملك، وكتب إليه الخليفة مرة يستدعيه فكتب إليه.

ولي كف ضرغام أذل ببطشها … وأشرى بها بين الورى وأبيع

تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها … وفي بطنها للمجد بين ربيع

أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغي … خلاصا لها إني إذا لرقيع

وما أنا إلا المسك في كل بقعة … يضوع وأما عندكم فيضيع

وقد بلغ من السنين سبعين سنة، وقد ذكر ابن الأثير وفاته في سنة ثماني عشرة فالله أعلم.

[وفيها توفى من الأعيان]

[الملك الفائز]

غياث الدين إبراهيم بن العادل، كان قد انتظم له الأمر في الملك بعد أبيه على الديار المصرية على يدي الأمير عماد الدين بن المشطوب، لولا أن الكامل تدارك ذلك سريعا، ثم أرسله أخوه في هذه السنة إلى أخيهما الأشرف موسى يستحثه في سرعة المسير إليهم بسبب الفرنج، فمات بين سنجاب والموصل، وقد ذكر أنه سم فرد إلى سنجاب فدفن بها رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>