عقبة السلمية مخمرة بالحرير فثار إليهم المسلمون فالتقوا فيما بين بيت لهيا والعقبة التي أقبلوا منها، فهزموهم وطردوهم إلى أبواب حمص، فلما رأى أهل حمص ذلك ظنوا أنهم قد فتحوا دمشق فقال لهم أهل حمص إنا نصالحكم على ما صالحتم عليه أهل دمشق ففعلوا.
وقال خليفة بن خياط حدثني عبد الله بن المغيرة عن أبيه قال افتتح شرحبيل بن حسنة الأردن كلها عنوة ما خلا طبرية فان أهلها صالحوه. وهكذا قال ابن الكلبي. وقالا بعث أبو عبيدة خالدا فغلب على ارض البقاع وصالحه أهل بعلبكّ وكتب لهم كتابا. وقال ابن المغيرة عن أبيه وصالحهم على أنصاف منازلهم وكنائسهم، ووضع الخراج. وقال ابن إسحاق وغيره وفي سنة أربع عشرة فتحت حمص وبعلبكّ صلحا على يدي أبى عبيدة في ذي القعدة قال خليفة ويقال في سنة خمس عشرة
وقعة فحل (١)
وقد ذكرها كثير من العلماء السير قبل فتح دمشق وإنما ذكرها الامام أبو جعفر بن جرير بعد فتح دمشق وتبع في ذلك سياق سيف بن عمر فيما رواه عن أبى عثمان يزيد بن أسيد الغساني وأبى حارثة القيسي قالا: خلف الناس يزيد بن أبى سفيان في خيله في دمشق وسار نحو فحل وعلى الناس الذين هم بالغور شرحبيل بن حسنة وسار أبو عبيدة وقد جعل على المقدمة خالد بن الوليد وأبو عبيدة على الميمنة وعمرو بن العاص على الميسرة، وعلى الخيل ضرار بن الأزور، وعلى الرجالة عياض بن غنم فوصلوا إلى فحل وهي بلدة بالغور وقد انحاز الروم إلى بسان، وأرسلوا مياه تلك الأراضي على ما لك من الأراضي فحال بينهم وبين المسلمين، وأرسل المسلمون إلى عمر يخبرونه بما هم فيه من مصابرة عدوهم وما صنعه الروم من تلك المكيدة، إلا أن المسلمين في عيش رغيد ومدد كبير، وهم على أهبة من أمرهم. وأمير هذا الحرب شرحبيل بن حسنة وهو لا يبيت ولا يصبح إلا على تعبئة.
وظن الروم أن المسلمين على غرة، فركبوا في بعض الليالي ليبيتوهم، وعلى الروم سقلاب بن مخراق، فهجموا على المسلمين فنهضوا إليهم نهضة رجل واحد لأنهم على أهبة دائما، فقاتلوهم حتى الصباح وذلك اليوم بكماله إلى الليل. فلما أظلم الليل فر الروم وقتل أميرهم سقلاب وركب المسلمون أكتافهم وأسلمتهم هزيمتهم إلى ذلك الوحل الّذي كانوا قد كادوا به المسلمين فغرقهم الله فيه، وقتل منهم المسلمين بأطراف الرماح ما قارب الثمانين ألفا لم ينج منهم إلا الشريد، وغنموا منهم شيئا كثيرا وما لا جزيلا. وانصرف أبو عبيدة وخالد بن معهما من الجيوش نحو حمص كما أمر أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب. واستخلف أبو عبيدة على الأردن شرحبيل بن حسنة، فسار شرحبيل ومعه عمرو بن العاص فحاصر بيسان فخرجوا إليه فقتل منهم مقتلة عظيمة، ثم صالحوه على مثل ما صالحت عليه